المسيح الحلو : ,رؤيته,
______________________
بعد ُطرد رأس البشرية القديمة من الفردوس , ادم الاول فقد امتياز الحديث مع الله وسماع صوته بوضوح ,وعندما أثمر ادم وانتشرت البشرية على سطح الأرض,أصبح الله ببعيد جدآ عن فكر البشر ,وخاصآ بعد أن انتشرت الخطية فى الجنس البشرى,.
وأيضا تملكت الخطية على تصورات قلب الإنسان ,وهكذا اظلم فكره ومخيلته على تصور الله او حتى التفكير فيه ,والجميع الجميع زاغوا وفسدوا معا.ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد. رو 3 : 12
ولكن محبة الله للإنسان كانت تُعد له رجوع إلى الله ,وكان الله يُخطط أن يرد البشرية الى رتبتها الأولى ,لكي تسود مرة أخرى على الطبيعة ,وتأخذ مكانتها الأولى من جديد .
ولهذا أختار الله له شعب من بين البشر وخصصه له على الرغم من أن الأرض كلها للرب ولكنه خصص شعب له و لكي يكون شعب الله , وهو الذي دعاه وخصصه ووعده أن يكون له مملكة امة عظيمة كهنة وملوك له :
فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب.فان لي كل الأرض. 6 وانتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة خر 19 : 5 _6
واعد الله هذا الشعب وقاده لسنين طويلة وحمله كما يحمل النسر أفراخه فى البرية على جناحيه :
انتم رأيتم ما صنعت بالمصريين.وانا حملتكم على اجنحة النسور وجئت بكم اليّ خر 19 : 4
وكان الله قد صنع كل هذا بشعب بنى إسرائيل أولاد أبينا إبراهيم كوعد الله له ,ذلك بهدف ان يكتمل الزمان ثم يأتي ابن الله ويتجسد ويظهر في الجسد من بيت إسرائيل.
ذلك تمهيدا لضم كل شعوب الأرض لنفسه وخاصته كل من يقبل ان يصير من مملكة الله ,ومنذ صار شعب إسرائيل مخصص لله ,والله أرسل لهم موسى وصار قائد ووسيط بين الله والشعب ,وكان موسى يتكلم مع الله ويسمعه ثم ينقل ما يقوله الله للشعب .
حينئذآ تكون عند الشعب جميعآ شهوة رؤية الله والتكلم معه .الحقيقة هذه هى رغبة دفينة موجودة فى أعماق كل البشرية !!
منذ أن ُطرد أبينا ادم الأول من حضرة الله والبشرية تشتهي الرجوع مرة أخري الى حضرة الله ,فهذا شعور فى صميم البشرية ,تشتاق الى تحقيقه وتحلم بمجيء اليوم التى تستطيع أن تتعرف على خالقها وجهآ لوجه .
تتكلم معه ويتكلم معها تسأله وتسمع صوته يُجيب عن أسئلتها الكثيرة , فالبشرية فى شوق وحنين الى رؤية وجه باريها وسماع صوته يتكلم ,الجميع يتمنى ان تدخل نبرات صوت الله المميزة جدآ إلى قلبه فتهز أوتار القلب بالفرحة والسعادة لسمع صوت الله المميز .
ولهذا عندما تجمع شعب إسرائيل وصار شعب لله تحركت هذه المشاعر الدفينة في داخل البشرية فيهم .وعندما شعر الله برغبة البشرية العارمة لرؤية الله وسماع صوته.فلهذا قرر ان يترائي للإنسان ويسمح له ان يسمع صوته , فقال الرب لموسى ها إنا آت إليك في ظلام السحاب لكي يسمع الشعب حينما اتكلم معك فيؤمنوا بك أيضا الى الأبد. خر 19 : 9
الله قلبه متلهف ان ينزل للإنسان ,يُريد ان يكشف ذاته له هو يحب البشر ولذته فى بني البشر فعندما اشتاقت البشرية لرؤية الله لم يمنع نفسه عنهم ,مع العلم انه يعرف جيدآ ان الإنسان القديم بوضعه هذا وبسبب الخطية الساكنة فى جسده فى ذلك الوقت مستحيل عليه ان يرى الله القدوس!!
كما ان موسى الوسيط بينه وبين الله عاجز جدآ أن يحل مشكلة الخطية فى الإنسان والتى تقف حجاب عظيم بين الله القدوس وبين الإنسان المنجس بالخطية والشر !!
ولكن سمح الله ان يختبر الإنسان شهوة قلبه ربما ليعرف كم ان الخطية خاطئة جدآ ,فالله يأتي بذاته من السماء الى الإنسان ,ولكن الإنسان بسبب هذه الخطية اللعينة ,لاستطيع ان يراه او حتى يقترب منه !!!
ولهذا أمر الرب موسى أن يُقدس الشعب وان يغسلوا ثيابهم ,ويكونوا مستعدين لليوم الثالث :
في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء.خر 19 : 11
عجيب هو الله أمر موسى ان يقوم بتقديس الشعب وهو يعلم انه عاجز عن ذلك ولكنه ليكشف صعوبة القضية وان التقديس يحتاج الى الله القدوس نفسه !!
وعلى الرغم أنهم يكونوا فى استعداد وتقديس لمدة ثلاثة أيام ,ولكن أمر الرب موسى أن يضع حدودآ حول الجبل الذي سوف ينزل عليه الله من كل ناحية :
قائلا احترزوا من ان تصعدوا الى الجبل او تمسوا طرفه.كل من يمسّ الجبل يقتل قتلا. 13 لا تمسه يد بل يرجم رجما او يرمى رميا.بهيمة كان ام انسانا لا يعيش خر 19 : 12 _13
اه إن شهوة الإنسان أن يقترب من الله ويراه ويتكلم معه ويلمسه بيده وليس هذا وحسب ,بل يُدخله الى داخله ويشعر بقوته وحياته فى أعماق كيانه .
ولكن موسى لم يستطيع عمل هذا بل وضع حدودآ حول الجبل الذى سوف ينزل عليه الله وليس فى استطاعة الإنسان أن يمس حتى الجبل الذى سوف ينزل عليه الله !!
ووقف شعب إسرائيل حول الجبل بعيدآ عن الجبل وأمامهم حدود لا يستطيع أحد ان يتخطاها لان من يتجراء ويتخطى هذه الحدود يموت موتآ شنيعآ .فوقف الشعب حزين ولسان حاله يقول بصراخ .
متى يكتمل الزمان وتنزل يأبن الله على الجبل الحى الذى هو السيدة العذراء القديسة مريم ,وتصير انسانا مثلنا بجسد ناطق مساو لنا تمامآ كاملآ وله نفس عاقلة ورغم انك الإله ايضآ وسوف تظل كما أنت بعد التجسد على حالك وبدون تغير .
متى يكون هذا ونستطيع ان نقترب منك وتجلس معنا ونأكل معك وتأكل معنا وفى بيوتنا ,ونلمسك بأيدينا ولا نخاف أن نموت بل على العكس الذى يلمسك تخرج منك قوة تحيه وتشتت الموت في جسده المائت !!
متى تأتى ليس على جبل بل فى طبيعتنا البشرية وتنظرك عيوننا ونجتمع حولك وتُعلمنا مباشرآ وتخبرنا بكل ما هو خفي وغير مستعلن .
ولكن خرج شعب إسرائيل من حلمه وأمنياته التي سلبت قلبه حيث صار الصباح:
انه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدا.فارتعد كل الشعب الذي في المحلّة. 17 واخرج موسى الشعب من المحلّة لملاقاة الله.فوقفوا في اسفل الجبل خر 19 : 17 : 18
وقف الشعب الحزين أسفل الجبل على أمل ان يروا الله ,ولكن صوت البوق الشديد الذى دوى فى جميع أرجاء صحراء سيناء الواسعة والخالية ,انزل الرعب والفزع فى قلب الشعب ,ثم اصوات رعود تهز المكان كله ويُسمع لها صدي عظيم فى أرجاء سيناء ,
وايضآ غطي جبل سيناء العظيم وهو اعلى جبل فى سيناء كلها كميات من السحاب الثقيل جدآ هذا الجو المرعب ارتعد له كل الشعب !!
كان الشعب ينتظر بشارة فرح عظيم جدآ لهم ولكل الشعوب انه نزل لنا الله لكى نراه ونلتصق به ,ولكن لم يكن حان ميعاد هذه البشارة المفرحة وتحولت الى رعب عظيم ,والسبب هو الخطية التى سكنت فى جسد البشرية !!!
اه ما ابشع هذه الخطية المرة التى سكنت البشرية بسبب طبيعتها التى فسدت ,فالله قد نزل وتراى امام العيون ,وهو سلام ومحبة ولكن بسبب الخطية لم تستطيع العيون ان تري سلامه .
,ولم يتمكن الانسان من الاستمتاع بحضوره ,ولم يقدر احد مهما كان ان يقترب منه ليتكلم معه,ما خلا موسي الذى أعطته قدرة الله الامكانية ان يقترب دون ان يموت ولكن لهدف توصيل كلام الله للشعب فقط .!
ولكن جميع الشعب وقف من بعيد لا يستطيع الاقتراب من الله .حتى حضور الله الهادئ الوديع صار امام عيون البشر دخان وسحاب ورعود !!!
فكيف للعين التى فسدت بالشهوات الشريرة ان ترى جمال الله ؟ وكيف للقلب الذى زاغ وفسد بمشورة الشيطان ان يُعاين الله ؟
بدون قداسة ونقاوة القلب لايمكن ان نعاين الله .بينما المُقدس الحقيقى لجنس البشر لم يكن جاء بعد. وموسى لم يستطيع ان يُقدس الشعب ولن يستطيع لانه هو نفسه محتاج الى من يُقدسه !!
وحتى ان الطبيعة نفسها وهى ايضآ قد خضعت مع ادم للبُطل واخذت نصيبها من لعنة الخطية ارتجفت من نزول الله القدوس ايضآ فالجبل نفسه لم يحتمل قداسة الله فارتجف واهتز مرتعبآ:
وكان جبل سيناء كله يدخن من اجل ان الرب نزل عليه بالنار.وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدا خر 19 : 18
وعندما وجد الشعب المرتعب هذا المنظر الُمخيف ,وان الله محتجب خلف هذا الضباب الشديد وحوله كل هذه الرعود والبروق تراجعوا عن شهوة نفوسهم الدفينة ,حيث شعروا بعجز شديد فى رؤية الله !!
وظهر حجم الخطية الساكنة فيهم وكيف انها حجاب وحدود بينهم وبين الله القدوس فقالوا لموسى :
تكلم انت معنا فنسمع.ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت خر 19 : 19
وهكذا انتهت هذه المحاولة فى رؤية الله بنزول الله على الجبل كأعلان لاستعداد الله للنزول للانسان ولكن العجز كله كان فى الانسان ولم يستطيع ان يستفيد من نزول الله .
ومرت السنين والإنسان فى شوق وحنين وبحث دائم عن أصل كيانه ووجوده ,فالديانات العديدة ومحاولة التقرب من الإله ولو حتى بطرق ليست حقيقية أو زائفة ماهى الا إعلان من جانب طبيعة الإنسان عن احتياجها الضروري لخالقها .
وأمام شوق وبحث الطبيعة البشرية وأنينها المستمر وتنهدها وصراخها الذى وصل الى عرش الله , الاب ظل يبحث وينتظر ثم اطلع من السماء فلم يجد من يشبه أمنا العذراء مريم ,
لم يجد مثلها يحتمل هذا السر العظيم الذى للتقوى ,فبينما حواء أمنا الأولى للبشرية فقدت حكمتها وأفشت سر الله الذى أعطاه الله لأدم ,وسمعت لمشورة الشيطان .
فحواء الثانية امنا العذراء القديسة مريم قبلت البشارة بمجيئ ابن الله منها وحفظت كل اسرار الله فى قلبها لو 2 :19
وتقبلت سر تجسد المسيح من الروح القدس ومنها بقولها :هوذا انا أمة الرب.ليكن لي كقولك لو 1 28
والله الذى نزل على الجبل فى القديم نزل اليوم الى بطن مريم العذراء ,مريم التى صارت جبل البشرية الجديدة ,فحل الله عليها فى سلام وهدوءا وسكن فى أحشائها تسعة أشهر
(لان الكلمة الحى الذى لله الاب نزل ليعطي الناموس على جبل سيناء
وغطي رأس الجبل بالدخان والظلام والضباب و العاصف
وبواسطة صوت الابواق كان يُعلم الواقفين بمخافة
هو أيضآ نزل عليك أيتها الجبل الناطق بوداعة ومحبة بشرية
وهكذا ايضا تجسد منك بغير تغير بجسد ناطق
ومساو لنا تمامآ كاملآ وله نفس عاقلة
بقى الهآعلى حاله وصار إنسانآ كاملآ
لكي يحل زلة ادم ويخلص الذى هلك )
ثيئوتوكية الثلاثاء _الابصلمودية المقدسة السنوية
وتحققت معجزة البشرية كلها وسط ذهول من جنود السماء تحول الى تسبيح وفرح ولم تحتمل قلوبهم الدهشة ولم تسعفهم سمو طبيعتهم الروحية من ملاحقة سر البشرية التى التصقت بالله !!!
فتركوا السماء ونزلوا هم ايضآ على الارض ولما لا ؟ وربهم ومالكهم وسيدهم جميعآ هو نفسه نزل على الارض : وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين 14 المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة لو 2 : 14
اعظم حادثة فى تاريخ البشرية كلها حدثت بهدوء وسلام ,ولان معظم العالم كان مشغول بهمومه وغارق فى ملذاته الجسدية واحتفالاته الصاخبة ,
لم يكن فى استقبل الله هذه المرة جمهور عظيم من الشعب كما كان فى يوم نزل على جبل سيناء ,ومع الاسف كان نزول الله على الجبل مخيف وليس فى استطاعة الانسان ان يستفيد منه او يقدر ان يرى الله .
ولكن فى ذلك اليوم كان الله قد نزل هذه المرة فى صورة الانسان الكامل بنفس عاقلة وجسد كامل ,يمكن ان يراه الجميع ,ولم يكن هناك حدود بينه وبين اى انسان بل يمكن لكل أنسان ان يلمسه ويأخذ منه الحياة.
نزل ابن الله للانسان ليُقيم معه عهد جديد ,والعهد الجديد هذا تحمل ابن الله كل شيئ فيه وما قد تحمله يفوق جميع تصورات البشر بل تصورات الملائكة نفسها فهم مازالوا فى حيرة من عمل الله وينتظرون كمال عمل الله مع الانسان
عهد جديد صار هو الوسيط فيه بين الله والانسان ,ليس كما كان موسى عاجز عن تقديس الشعب وظل يُعد لهم تقديسات لمدة يومين وفى اليوم الثالث نزل الله ولم يستطيع مخلوق الاقتراب من جبل الله !
لان تقديسات موسى لاتستطيع ان تُطهر ابدآ الداخل بل وسخ الجسد الخارجى فقط ,وتقديمات موسى لاتستطيع ان تُكمل الذى يخدم:
الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين وذبائح لا يمكن من جهة الضمير ان تكمّل الذي يخدم 10 وهي قائمة باطعمة واشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط موضوعة الى وقت الاصلاح عب 9 : 9 _11
وها هو جاء وقت الاصلاح وظهر المسيح فى الجسد وصار ينبوع القداسة الذى لاينضب ,وكما حمل شعب اسرائيل قديما على أجنحة النسور حملنا فى ذاته ولهذا من اجلنا قدس ذاته !!
ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق يو 17 : 9
وبالتالى يستطيع ان يُقدسنا فيه بالحق لنصيرقديسيون وبلا لوم فى المحبة قدامه أفسس 1 : 4نحن الذين كنا اعداء وابناء الغضب حسب الطبيعة وبلا اله فى العالم
اخذ طبيعتنا وجعلها فيه وهكذا صالحنا مع الله اذ مات ونحن فيه وقام وايضآ نحن فيه فصالحنا فى جسم بشريته وفصرنا نحن الخطاة قديسين :
وانتم الذين كنتم قبلا اجنبيين واعداء في الفكر في الاعمال الشريرة قد صالحكم الآن22 في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى امامه كو 1 : 22
رؤية المسيح الحلو اليوم:
______________________
نزول المسيح اليوم ليس كما نزل فى القديم على جبل موسى لفترة قصيرة وانتهى ,ولم يستفيد منه اى انسان بل كان مختفى ومحجوب خلف السحاب والضباب .
اليوم نزل المسيح من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء ,وصار انسأنآ كاملآ وهو مازال الاله الكامل .
واذ صعد المسيح فهو صعد بجسدنا البشرى ولم يتركه ولن يتركه الى الابد ,فنحن اليوم الهنا هو يسوع المسيح المتجسد الذى صعد بنفس الجسد الذى اخذه من امنا العذراء
ولكن هل ممكن ان ارى يسوع هذا وبالجسد الذى اخذه من العذراء مرة اخرى ؟هل ممكن المس جسد يسوع هذا ام هناك حدود كما كانت ايام موسى ؟
هوذا كائن معنا اليوم عمانوئيل حمل الله ولا نحتاج الى الذهاب الى سيناء لينزل الله على جبالها العالى ,لان يسوع الحلو اعطانا أن نراه ونلمسه بل نأكله فى سر الاسرار الافخارستيا .
المسيح الحلو هنا لكل من يُريد ان يراه ليس فى ضباب ودخان ورعود وبروق بل وسط تسابيح أرضية وأخرى سمائية .
فمن محبتة العجيب انه سلمنا بيد ه جسده الحقيقى الذى اخذه من امنا العذراء القديسة مريم وجعله واحدآ مع لهوته بغير اختلاط او امتزاج او تغير
وصار هذا الجسد لنا على المذبح نلمسه ولا نخاف نأكله بخشوع ورهبة لانه خبز الحياة الواهب الحياة لكل العالم ,فهو حاضر معنا ونلمس ونتذوق جسده لانه اذ قد صعد الىالسماء وحاضر معنا فى كل حين ولكنه ايضآ لم يحرمنا من حضوره بجسد بشريتنا ,الذى اعطانا به وفيه الخلاص ,هذا كما يقول معلمنا العظيم البابا كيرلس الكبير :
(بعد خروج يهوذا سلم الرب الاحد عشر سر الخلاص ...
واذا كان عتيدآ ان يصعد لابيه بجسده الخاص.....
أعطانا جسده الخاص ودمه حتى لانحرم من حضور ذاك الذى يخلصنا )
ق : كيرلس الكبير
(تفسير انجيل متى p.g.lxxii,452 b(
وهكذا المسيح الحلو حاضر وجسده المحي هنا فى الكنيسة كل قداس الهي لكل من يشتاق لرؤية الله ,والاشتراك فى جسده لنوال الحياة الدائمة وعدم الفساد
فاذا كان المسيح قد شفى المئات بلمس جسده ,ويده الطوباوية المحيية عندما كانت يضعها على كل واحد فيشفيه ,فكم يكون الالتصاق بجسده وليس لمسه فقط بل وأكله ايضآ ,اى نصيب هذا الذى صار لنا فى يسوع الحلو ؟
انظروا ماذا يقول معلمنا كيرلس الكبير بابا الاسكندرية فى ذلك الزمان :
(فأن كان قد أحيا ما قد فسد بمجرد لمس جسده فما أوفر المنافع الروحية التى ننالها فى سر الافخارستيا ,
التى بها لانلمس فقط هذا الجسد بل ونأكله ايضآ) ق : كيرلس بابا الاسكندرية
تفسير انجيل يوحنا p.g . Lxxiii< 577 d
هذه هى رؤية يسوع فى جسد القيامة المحي والواهب الحياة لكل من يأكل منه .
ولكن هل بأنتهاء القداس يختفى يسوع ولا نراه الا فى القداس التالى؟
طبعآ لا يسوع معنا كل يوم والى انقضاء الدهر ,هو حاضر فينا فنحن نأكل جسد يسوع المسيح المحي ابن الله ,لكى يحل بالايمان فى قلوبنا ويسير معنا ولا يفارقنا ابدآ
واذ كنا نأخذ يسوع فى الجسد المحي فى الافخارستيا ,هذا لكى نحيا به ,ويؤهلنا لرؤيته بصورة سرية عميقة قلبية ,وهذه هى الحياة كلها فيسوع فينا وساكن فى داخلنا ولا يفرقنا ابدآ طالما نحن نشتهى حضوره الدائم .
يسوع الحلو لانه عارف ان سر فرحنا فى رؤيته :
ففرح التلاميذ اذ رأوا الرب. يو 20 : 20
لهذا اعطى مُحبيه سر الافخارستيا الذى يجعل يسوع حاضر دائمآ فينا ونراه ونلمسه ونتذوقه فى حياتنا ولكن بقلب يعرف الايمان بيسوع وببساطه لانه هو الذى يكشف حضوره لنا وليس نحن الذى نستدعى حضوره بقدرتنا البشرية!!
فالله هو الذى يسمح لعيون قلوبنا أن تراه اذا كانت صادقة لرؤيته من اجل شخصه ,فكل قلب يتمنى رؤية يسوع طول النهار فى حياته يطلب من الله ان يكشف له حضوره
لانه حاضر دائمآ لاجل اى قلب يحبه ويتمنى رؤيته والتمتع بجماله ,ليس بالبحث العقلى او القدرات البشرية ,بل بالخضوع لروح الله وطلب المعونة والاشتياق للحياة بالمسيح ,بعد ان يكون الانسان قد اقتنع تمامآ برفض اى حياة ذاتية ميته.فيتمنى ان تكون حياته هى المسيح فقط :
مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ غل 2 : 20
______________________
بعد ُطرد رأس البشرية القديمة من الفردوس , ادم الاول فقد امتياز الحديث مع الله وسماع صوته بوضوح ,وعندما أثمر ادم وانتشرت البشرية على سطح الأرض,أصبح الله ببعيد جدآ عن فكر البشر ,وخاصآ بعد أن انتشرت الخطية فى الجنس البشرى,.
وأيضا تملكت الخطية على تصورات قلب الإنسان ,وهكذا اظلم فكره ومخيلته على تصور الله او حتى التفكير فيه ,والجميع الجميع زاغوا وفسدوا معا.ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد. رو 3 : 12
ولكن محبة الله للإنسان كانت تُعد له رجوع إلى الله ,وكان الله يُخطط أن يرد البشرية الى رتبتها الأولى ,لكي تسود مرة أخرى على الطبيعة ,وتأخذ مكانتها الأولى من جديد .
ولهذا أختار الله له شعب من بين البشر وخصصه له على الرغم من أن الأرض كلها للرب ولكنه خصص شعب له و لكي يكون شعب الله , وهو الذي دعاه وخصصه ووعده أن يكون له مملكة امة عظيمة كهنة وملوك له :
فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب.فان لي كل الأرض. 6 وانتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة خر 19 : 5 _6
واعد الله هذا الشعب وقاده لسنين طويلة وحمله كما يحمل النسر أفراخه فى البرية على جناحيه :
انتم رأيتم ما صنعت بالمصريين.وانا حملتكم على اجنحة النسور وجئت بكم اليّ خر 19 : 4
وكان الله قد صنع كل هذا بشعب بنى إسرائيل أولاد أبينا إبراهيم كوعد الله له ,ذلك بهدف ان يكتمل الزمان ثم يأتي ابن الله ويتجسد ويظهر في الجسد من بيت إسرائيل.
ذلك تمهيدا لضم كل شعوب الأرض لنفسه وخاصته كل من يقبل ان يصير من مملكة الله ,ومنذ صار شعب إسرائيل مخصص لله ,والله أرسل لهم موسى وصار قائد ووسيط بين الله والشعب ,وكان موسى يتكلم مع الله ويسمعه ثم ينقل ما يقوله الله للشعب .
حينئذآ تكون عند الشعب جميعآ شهوة رؤية الله والتكلم معه .الحقيقة هذه هى رغبة دفينة موجودة فى أعماق كل البشرية !!
منذ أن ُطرد أبينا ادم الأول من حضرة الله والبشرية تشتهي الرجوع مرة أخري الى حضرة الله ,فهذا شعور فى صميم البشرية ,تشتاق الى تحقيقه وتحلم بمجيء اليوم التى تستطيع أن تتعرف على خالقها وجهآ لوجه .
تتكلم معه ويتكلم معها تسأله وتسمع صوته يُجيب عن أسئلتها الكثيرة , فالبشرية فى شوق وحنين الى رؤية وجه باريها وسماع صوته يتكلم ,الجميع يتمنى ان تدخل نبرات صوت الله المميزة جدآ إلى قلبه فتهز أوتار القلب بالفرحة والسعادة لسمع صوت الله المميز .
ولهذا عندما تجمع شعب إسرائيل وصار شعب لله تحركت هذه المشاعر الدفينة في داخل البشرية فيهم .وعندما شعر الله برغبة البشرية العارمة لرؤية الله وسماع صوته.فلهذا قرر ان يترائي للإنسان ويسمح له ان يسمع صوته , فقال الرب لموسى ها إنا آت إليك في ظلام السحاب لكي يسمع الشعب حينما اتكلم معك فيؤمنوا بك أيضا الى الأبد. خر 19 : 9
الله قلبه متلهف ان ينزل للإنسان ,يُريد ان يكشف ذاته له هو يحب البشر ولذته فى بني البشر فعندما اشتاقت البشرية لرؤية الله لم يمنع نفسه عنهم ,مع العلم انه يعرف جيدآ ان الإنسان القديم بوضعه هذا وبسبب الخطية الساكنة فى جسده فى ذلك الوقت مستحيل عليه ان يرى الله القدوس!!
كما ان موسى الوسيط بينه وبين الله عاجز جدآ أن يحل مشكلة الخطية فى الإنسان والتى تقف حجاب عظيم بين الله القدوس وبين الإنسان المنجس بالخطية والشر !!
ولكن سمح الله ان يختبر الإنسان شهوة قلبه ربما ليعرف كم ان الخطية خاطئة جدآ ,فالله يأتي بذاته من السماء الى الإنسان ,ولكن الإنسان بسبب هذه الخطية اللعينة ,لاستطيع ان يراه او حتى يقترب منه !!!
ولهذا أمر الرب موسى أن يُقدس الشعب وان يغسلوا ثيابهم ,ويكونوا مستعدين لليوم الثالث :
في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء.خر 19 : 11
عجيب هو الله أمر موسى ان يقوم بتقديس الشعب وهو يعلم انه عاجز عن ذلك ولكنه ليكشف صعوبة القضية وان التقديس يحتاج الى الله القدوس نفسه !!
وعلى الرغم أنهم يكونوا فى استعداد وتقديس لمدة ثلاثة أيام ,ولكن أمر الرب موسى أن يضع حدودآ حول الجبل الذي سوف ينزل عليه الله من كل ناحية :
قائلا احترزوا من ان تصعدوا الى الجبل او تمسوا طرفه.كل من يمسّ الجبل يقتل قتلا. 13 لا تمسه يد بل يرجم رجما او يرمى رميا.بهيمة كان ام انسانا لا يعيش خر 19 : 12 _13
اه إن شهوة الإنسان أن يقترب من الله ويراه ويتكلم معه ويلمسه بيده وليس هذا وحسب ,بل يُدخله الى داخله ويشعر بقوته وحياته فى أعماق كيانه .
ولكن موسى لم يستطيع عمل هذا بل وضع حدودآ حول الجبل الذى سوف ينزل عليه الله وليس فى استطاعة الإنسان أن يمس حتى الجبل الذى سوف ينزل عليه الله !!
ووقف شعب إسرائيل حول الجبل بعيدآ عن الجبل وأمامهم حدود لا يستطيع أحد ان يتخطاها لان من يتجراء ويتخطى هذه الحدود يموت موتآ شنيعآ .فوقف الشعب حزين ولسان حاله يقول بصراخ .
متى يكتمل الزمان وتنزل يأبن الله على الجبل الحى الذى هو السيدة العذراء القديسة مريم ,وتصير انسانا مثلنا بجسد ناطق مساو لنا تمامآ كاملآ وله نفس عاقلة ورغم انك الإله ايضآ وسوف تظل كما أنت بعد التجسد على حالك وبدون تغير .
متى يكون هذا ونستطيع ان نقترب منك وتجلس معنا ونأكل معك وتأكل معنا وفى بيوتنا ,ونلمسك بأيدينا ولا نخاف أن نموت بل على العكس الذى يلمسك تخرج منك قوة تحيه وتشتت الموت في جسده المائت !!
متى تأتى ليس على جبل بل فى طبيعتنا البشرية وتنظرك عيوننا ونجتمع حولك وتُعلمنا مباشرآ وتخبرنا بكل ما هو خفي وغير مستعلن .
ولكن خرج شعب إسرائيل من حلمه وأمنياته التي سلبت قلبه حيث صار الصباح:
انه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدا.فارتعد كل الشعب الذي في المحلّة. 17 واخرج موسى الشعب من المحلّة لملاقاة الله.فوقفوا في اسفل الجبل خر 19 : 17 : 18
وقف الشعب الحزين أسفل الجبل على أمل ان يروا الله ,ولكن صوت البوق الشديد الذى دوى فى جميع أرجاء صحراء سيناء الواسعة والخالية ,انزل الرعب والفزع فى قلب الشعب ,ثم اصوات رعود تهز المكان كله ويُسمع لها صدي عظيم فى أرجاء سيناء ,
وايضآ غطي جبل سيناء العظيم وهو اعلى جبل فى سيناء كلها كميات من السحاب الثقيل جدآ هذا الجو المرعب ارتعد له كل الشعب !!
كان الشعب ينتظر بشارة فرح عظيم جدآ لهم ولكل الشعوب انه نزل لنا الله لكى نراه ونلتصق به ,ولكن لم يكن حان ميعاد هذه البشارة المفرحة وتحولت الى رعب عظيم ,والسبب هو الخطية التى سكنت فى جسد البشرية !!!
اه ما ابشع هذه الخطية المرة التى سكنت البشرية بسبب طبيعتها التى فسدت ,فالله قد نزل وتراى امام العيون ,وهو سلام ومحبة ولكن بسبب الخطية لم تستطيع العيون ان تري سلامه .
,ولم يتمكن الانسان من الاستمتاع بحضوره ,ولم يقدر احد مهما كان ان يقترب منه ليتكلم معه,ما خلا موسي الذى أعطته قدرة الله الامكانية ان يقترب دون ان يموت ولكن لهدف توصيل كلام الله للشعب فقط .!
ولكن جميع الشعب وقف من بعيد لا يستطيع الاقتراب من الله .حتى حضور الله الهادئ الوديع صار امام عيون البشر دخان وسحاب ورعود !!!
فكيف للعين التى فسدت بالشهوات الشريرة ان ترى جمال الله ؟ وكيف للقلب الذى زاغ وفسد بمشورة الشيطان ان يُعاين الله ؟
بدون قداسة ونقاوة القلب لايمكن ان نعاين الله .بينما المُقدس الحقيقى لجنس البشر لم يكن جاء بعد. وموسى لم يستطيع ان يُقدس الشعب ولن يستطيع لانه هو نفسه محتاج الى من يُقدسه !!
وحتى ان الطبيعة نفسها وهى ايضآ قد خضعت مع ادم للبُطل واخذت نصيبها من لعنة الخطية ارتجفت من نزول الله القدوس ايضآ فالجبل نفسه لم يحتمل قداسة الله فارتجف واهتز مرتعبآ:
وكان جبل سيناء كله يدخن من اجل ان الرب نزل عليه بالنار.وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدا خر 19 : 18
وعندما وجد الشعب المرتعب هذا المنظر الُمخيف ,وان الله محتجب خلف هذا الضباب الشديد وحوله كل هذه الرعود والبروق تراجعوا عن شهوة نفوسهم الدفينة ,حيث شعروا بعجز شديد فى رؤية الله !!
وظهر حجم الخطية الساكنة فيهم وكيف انها حجاب وحدود بينهم وبين الله القدوس فقالوا لموسى :
تكلم انت معنا فنسمع.ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت خر 19 : 19
وهكذا انتهت هذه المحاولة فى رؤية الله بنزول الله على الجبل كأعلان لاستعداد الله للنزول للانسان ولكن العجز كله كان فى الانسان ولم يستطيع ان يستفيد من نزول الله .
ومرت السنين والإنسان فى شوق وحنين وبحث دائم عن أصل كيانه ووجوده ,فالديانات العديدة ومحاولة التقرب من الإله ولو حتى بطرق ليست حقيقية أو زائفة ماهى الا إعلان من جانب طبيعة الإنسان عن احتياجها الضروري لخالقها .
وأمام شوق وبحث الطبيعة البشرية وأنينها المستمر وتنهدها وصراخها الذى وصل الى عرش الله , الاب ظل يبحث وينتظر ثم اطلع من السماء فلم يجد من يشبه أمنا العذراء مريم ,
لم يجد مثلها يحتمل هذا السر العظيم الذى للتقوى ,فبينما حواء أمنا الأولى للبشرية فقدت حكمتها وأفشت سر الله الذى أعطاه الله لأدم ,وسمعت لمشورة الشيطان .
فحواء الثانية امنا العذراء القديسة مريم قبلت البشارة بمجيئ ابن الله منها وحفظت كل اسرار الله فى قلبها لو 2 :19
وتقبلت سر تجسد المسيح من الروح القدس ومنها بقولها :هوذا انا أمة الرب.ليكن لي كقولك لو 1 28
والله الذى نزل على الجبل فى القديم نزل اليوم الى بطن مريم العذراء ,مريم التى صارت جبل البشرية الجديدة ,فحل الله عليها فى سلام وهدوءا وسكن فى أحشائها تسعة أشهر
(لان الكلمة الحى الذى لله الاب نزل ليعطي الناموس على جبل سيناء
وغطي رأس الجبل بالدخان والظلام والضباب و العاصف
وبواسطة صوت الابواق كان يُعلم الواقفين بمخافة
هو أيضآ نزل عليك أيتها الجبل الناطق بوداعة ومحبة بشرية
وهكذا ايضا تجسد منك بغير تغير بجسد ناطق
ومساو لنا تمامآ كاملآ وله نفس عاقلة
بقى الهآعلى حاله وصار إنسانآ كاملآ
لكي يحل زلة ادم ويخلص الذى هلك )
ثيئوتوكية الثلاثاء _الابصلمودية المقدسة السنوية
وتحققت معجزة البشرية كلها وسط ذهول من جنود السماء تحول الى تسبيح وفرح ولم تحتمل قلوبهم الدهشة ولم تسعفهم سمو طبيعتهم الروحية من ملاحقة سر البشرية التى التصقت بالله !!!
فتركوا السماء ونزلوا هم ايضآ على الارض ولما لا ؟ وربهم ومالكهم وسيدهم جميعآ هو نفسه نزل على الارض : وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين 14 المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة لو 2 : 14
اعظم حادثة فى تاريخ البشرية كلها حدثت بهدوء وسلام ,ولان معظم العالم كان مشغول بهمومه وغارق فى ملذاته الجسدية واحتفالاته الصاخبة ,
لم يكن فى استقبل الله هذه المرة جمهور عظيم من الشعب كما كان فى يوم نزل على جبل سيناء ,ومع الاسف كان نزول الله على الجبل مخيف وليس فى استطاعة الانسان ان يستفيد منه او يقدر ان يرى الله .
ولكن فى ذلك اليوم كان الله قد نزل هذه المرة فى صورة الانسان الكامل بنفس عاقلة وجسد كامل ,يمكن ان يراه الجميع ,ولم يكن هناك حدود بينه وبين اى انسان بل يمكن لكل أنسان ان يلمسه ويأخذ منه الحياة.
نزل ابن الله للانسان ليُقيم معه عهد جديد ,والعهد الجديد هذا تحمل ابن الله كل شيئ فيه وما قد تحمله يفوق جميع تصورات البشر بل تصورات الملائكة نفسها فهم مازالوا فى حيرة من عمل الله وينتظرون كمال عمل الله مع الانسان
عهد جديد صار هو الوسيط فيه بين الله والانسان ,ليس كما كان موسى عاجز عن تقديس الشعب وظل يُعد لهم تقديسات لمدة يومين وفى اليوم الثالث نزل الله ولم يستطيع مخلوق الاقتراب من جبل الله !
لان تقديسات موسى لاتستطيع ان تُطهر ابدآ الداخل بل وسخ الجسد الخارجى فقط ,وتقديمات موسى لاتستطيع ان تُكمل الذى يخدم:
الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين وذبائح لا يمكن من جهة الضمير ان تكمّل الذي يخدم 10 وهي قائمة باطعمة واشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط موضوعة الى وقت الاصلاح عب 9 : 9 _11
وها هو جاء وقت الاصلاح وظهر المسيح فى الجسد وصار ينبوع القداسة الذى لاينضب ,وكما حمل شعب اسرائيل قديما على أجنحة النسور حملنا فى ذاته ولهذا من اجلنا قدس ذاته !!
ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق يو 17 : 9
وبالتالى يستطيع ان يُقدسنا فيه بالحق لنصيرقديسيون وبلا لوم فى المحبة قدامه أفسس 1 : 4نحن الذين كنا اعداء وابناء الغضب حسب الطبيعة وبلا اله فى العالم
اخذ طبيعتنا وجعلها فيه وهكذا صالحنا مع الله اذ مات ونحن فيه وقام وايضآ نحن فيه فصالحنا فى جسم بشريته وفصرنا نحن الخطاة قديسين :
وانتم الذين كنتم قبلا اجنبيين واعداء في الفكر في الاعمال الشريرة قد صالحكم الآن22 في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى امامه كو 1 : 22
رؤية المسيح الحلو اليوم:
______________________
نزول المسيح اليوم ليس كما نزل فى القديم على جبل موسى لفترة قصيرة وانتهى ,ولم يستفيد منه اى انسان بل كان مختفى ومحجوب خلف السحاب والضباب .
اليوم نزل المسيح من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء ,وصار انسأنآ كاملآ وهو مازال الاله الكامل .
واذ صعد المسيح فهو صعد بجسدنا البشرى ولم يتركه ولن يتركه الى الابد ,فنحن اليوم الهنا هو يسوع المسيح المتجسد الذى صعد بنفس الجسد الذى اخذه من امنا العذراء
ولكن هل ممكن ان ارى يسوع هذا وبالجسد الذى اخذه من العذراء مرة اخرى ؟هل ممكن المس جسد يسوع هذا ام هناك حدود كما كانت ايام موسى ؟
هوذا كائن معنا اليوم عمانوئيل حمل الله ولا نحتاج الى الذهاب الى سيناء لينزل الله على جبالها العالى ,لان يسوع الحلو اعطانا أن نراه ونلمسه بل نأكله فى سر الاسرار الافخارستيا .
المسيح الحلو هنا لكل من يُريد ان يراه ليس فى ضباب ودخان ورعود وبروق بل وسط تسابيح أرضية وأخرى سمائية .
فمن محبتة العجيب انه سلمنا بيد ه جسده الحقيقى الذى اخذه من امنا العذراء القديسة مريم وجعله واحدآ مع لهوته بغير اختلاط او امتزاج او تغير
وصار هذا الجسد لنا على المذبح نلمسه ولا نخاف نأكله بخشوع ورهبة لانه خبز الحياة الواهب الحياة لكل العالم ,فهو حاضر معنا ونلمس ونتذوق جسده لانه اذ قد صعد الىالسماء وحاضر معنا فى كل حين ولكنه ايضآ لم يحرمنا من حضوره بجسد بشريتنا ,الذى اعطانا به وفيه الخلاص ,هذا كما يقول معلمنا العظيم البابا كيرلس الكبير :
(بعد خروج يهوذا سلم الرب الاحد عشر سر الخلاص ...
واذا كان عتيدآ ان يصعد لابيه بجسده الخاص.....
أعطانا جسده الخاص ودمه حتى لانحرم من حضور ذاك الذى يخلصنا )
ق : كيرلس الكبير
(تفسير انجيل متى p.g.lxxii,452 b(
وهكذا المسيح الحلو حاضر وجسده المحي هنا فى الكنيسة كل قداس الهي لكل من يشتاق لرؤية الله ,والاشتراك فى جسده لنوال الحياة الدائمة وعدم الفساد
فاذا كان المسيح قد شفى المئات بلمس جسده ,ويده الطوباوية المحيية عندما كانت يضعها على كل واحد فيشفيه ,فكم يكون الالتصاق بجسده وليس لمسه فقط بل وأكله ايضآ ,اى نصيب هذا الذى صار لنا فى يسوع الحلو ؟
انظروا ماذا يقول معلمنا كيرلس الكبير بابا الاسكندرية فى ذلك الزمان :
(فأن كان قد أحيا ما قد فسد بمجرد لمس جسده فما أوفر المنافع الروحية التى ننالها فى سر الافخارستيا ,
التى بها لانلمس فقط هذا الجسد بل ونأكله ايضآ) ق : كيرلس بابا الاسكندرية
تفسير انجيل يوحنا p.g . Lxxiii< 577 d
هذه هى رؤية يسوع فى جسد القيامة المحي والواهب الحياة لكل من يأكل منه .
ولكن هل بأنتهاء القداس يختفى يسوع ولا نراه الا فى القداس التالى؟
طبعآ لا يسوع معنا كل يوم والى انقضاء الدهر ,هو حاضر فينا فنحن نأكل جسد يسوع المسيح المحي ابن الله ,لكى يحل بالايمان فى قلوبنا ويسير معنا ولا يفارقنا ابدآ
واذ كنا نأخذ يسوع فى الجسد المحي فى الافخارستيا ,هذا لكى نحيا به ,ويؤهلنا لرؤيته بصورة سرية عميقة قلبية ,وهذه هى الحياة كلها فيسوع فينا وساكن فى داخلنا ولا يفرقنا ابدآ طالما نحن نشتهى حضوره الدائم .
يسوع الحلو لانه عارف ان سر فرحنا فى رؤيته :
ففرح التلاميذ اذ رأوا الرب. يو 20 : 20
لهذا اعطى مُحبيه سر الافخارستيا الذى يجعل يسوع حاضر دائمآ فينا ونراه ونلمسه ونتذوقه فى حياتنا ولكن بقلب يعرف الايمان بيسوع وببساطه لانه هو الذى يكشف حضوره لنا وليس نحن الذى نستدعى حضوره بقدرتنا البشرية!!
فالله هو الذى يسمح لعيون قلوبنا أن تراه اذا كانت صادقة لرؤيته من اجل شخصه ,فكل قلب يتمنى رؤية يسوع طول النهار فى حياته يطلب من الله ان يكشف له حضوره
لانه حاضر دائمآ لاجل اى قلب يحبه ويتمنى رؤيته والتمتع بجماله ,ليس بالبحث العقلى او القدرات البشرية ,بل بالخضوع لروح الله وطلب المعونة والاشتياق للحياة بالمسيح ,بعد ان يكون الانسان قد اقتنع تمامآ برفض اى حياة ذاتية ميته.فيتمنى ان تكون حياته هى المسيح فقط :
مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيّ غل 2 : 20