المسيح يشفى الموت :
________________________________
أينما أيسر غفران الخطية أم الشفاء؟
عندما خُلق الانسان الاول كان فى صورة حسنة جدآ وكذلك كل الخليقة وبشهادة الخالق نفسه عنها:
ورأى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا تك 1 : 31
وكان الله قد أعطى سلطانآ للانسان ليكون سيد على الخليقة كلها ويتسلط عليها بينما لا يتسلط عليه اى شيئ :
وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا.فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض تك 1 : 26
فكان لا يعرف الخوف من اى شيئ فجميع الخلائق الاخرى تطيعه بأمر من الله حتى أن الارض نفسها كانت تحت سلطان أدم تُخرج ثمارآ جيدة ولا تنتج أبدآ شوكآ او حسك , حتى أن الطبيعة نفسها كانت هادئة تتنافس بجميع قوانينها فى أن تُرضى أدم وتكون مناسبة له , بحيث توفر له أحسن جو وهذا حسب أمر الله .
وكان الله قريب جدآ من أدم ولا يجد صعوبة فى الحديث معه والتفاهم معه , واستمرت الحياة وأدم لا يعرف الا طعم السعادة والفرح .
وكل الخليقة والطبيعة تحت أمره وهو متسلط عليها ., فلم يكن هناك وجود للمرض بأى صورة من صوره .ولكن شكل هذه الحياة كلها تغير بسقوط آدم ومخالفة وصية الله فدخلت الخطية الى حياة آدم وبالخطية دخل الموت ,وصار آدم ميت وبالتالى حدثت هوة كبيرة جدآ بين آدم والله وصار آدم فاسد _.
وبالتالى جميع البشر والذين خرجوا من آدم أصل البشرية الاول .هكذا صارت طبيعتهم هم أيضآ فاسدة وورثة البشرية الموت والفساد .
وهكذا أنتشرت الخطية فى العالم بسبب فساد طبيعة الانسان, ولم تسلم الارض أيضآ من اللعنة والفساد :
وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تأكل منها كل ايام حياتك تك 3 : 17
ولقد أخُضعت الخليقة للباطل ولكن ليس عن قصد منها ولكن بسبب آدم الذى قبل الخطية والموت :
اذ أخضعت الخليقة للبطل.ليس طوعا بل من اجل الذي اخضعها.على الرجاء رو 8 : 20
ومن هنا فقدت البشرية سلطانها وتسلطها على الطبيعة , وأهم شيئ فى هذا الامر هو أن الخطية التى دخلت للجنس البشرى ,كان من أهم ثمارها هو المرض بجميع أنواعه , .
فالمرض هو التعبير عن الخطية وتجسيدآ لقوتها وسلطانها , ولعل حادثة المولود أعمى توضح إنتشار هذا الفكر ,وخاصآ بين المهتمين بالدين والتلاميذ , فعندما وجدوا هذا المولود أعمى سألوا يسوع على الفور:
يا معلّم من اخطأ هذا أم ابواه حتى ولد اعمى يو 9 :1
+ ومن أجل هذا جاء يسوع المسيح الاله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء مريم تأنس ,جاء لكى يشفى الجنس البشرى من جميع أمراضها ,وذلك عن طريق الصليب الذى أباد الخطية وانهى عليها .
فيسوع محب البشر تجسد وظهر فى الجسد حتى يُدين الخطية فى الجسد ويقتلعها من جذورها من الجسد , وهكذا كان كان يسوع يغفر الخطية لكل شخص ضعيف معذب من الخطية .
وكان قلب يسوع يبحث ويفتش فى جميع المدن والقرى على النفوس الساقطة والمعذبة من الخطية , ويوفر لها الظروف ويحسها أن تأتى اليه لكى يغفر لها الخطية وبالتالى تنال الشفاء والراحة.
وغالبآ ما ذهب يسوع بنفسه الى خطاة مثل المرأة السامرية حتى يهبها الغفران والشفاء ,ومن هنا كانت مهمة يسوع الاساسية هو غفران خطية الانسان , .
لقد كانت سعادة يسوع فى رفع ثقل الخطية عن ضمير الانسان وقبول كل أنسان تعبان من خطيته حتى يحمل عنه جميع خطاياه .
هذه هى طبيعة ربنا يسوع المسيح وليس من فراغ أن يُلهم الله كاتب القداس الالهى أن يصف يسوع بأنه :
غافر خطايانا ومنقذ حياتنا من الفساد .........................( القداس الالهى )
ويتضح الان أن المرض شيئ دخيل على طبيعة الانسان وهكذا صار المرض هو تعبير عن الخطية واللعنة وهذا فى العالم القديم .
ويعتبر مرض الشلل صورة محزنة جدآ تعبر عن تملك الخطية على الانسان , فالشلل الذى يسبب عدم قدرة الانسان على الحركة تمامآ هو صورة لتملك الموت جزئيآ على الانسان .
ومن أجل هذا جاء يسوع المسيح ليهدم الموت فى الانسان وبالتالى تحل حياة المسيح فى الانسان لكى يحيا بها عوض الموت .
وبالتالى كانت حادثة شفاء المرض مثل مرض الشلل برهان على هدم المسيح للموت وظهور حياة المسيح عوض الموت.
ثم دخل كفر ناحوم أيضآ بعد أيام فسمع أنه فى بيت وللوقت اجتمع كثيرون حتى لم يعد يسع ولا ما حول الباب , فكان يخاطبهم بالكلمة مر 2 : 1 _ 2
كان يسوع قد أبتعد عن كفر ناحوم وكان غالبآ لا يغيب عنها طويلآ , فبعد أيام من غيابه خارج كفر ناحوم دخل يسوع المدينة مرة أخرى , وكان فى بيت لاحد المحبين ليسوع _ ويُقال أنه بيت القديس بطرس _ المهم أنه بيت سعيد لانه كان يقبل يسوع ليحل فيه .
وعندما سرى خبر وجود يسوع فى المدينة وفى هذا البيت السعيد.. فالذى يعمل فى الحقل ترك حقله والذى كان يعمل فى التجارة ترك تجارته , الجميع تركوا كل شيئ مدفوعين بشوق وحنين بصدق من القلب لسماع يسوع .
كانت كلامات يسوع السابقة لم تزل طعمها مثل الشهد فى حلقهم , كانوا مدفوعيين بجوع شديد لشخص يسوع حتى وجدوا أنفسهم تسير حيث يسوع موجود فى البيت دون تفكير أو مشورة .
الكل يُسرع حتى يجد مكان قريب من يسوع حتى ان البيت إمتلاء تمامآ ولم يكن هناك مكان داخل البيت فتجمع عدد أكثر خارج البيت وحول الباب مكتفين حتى بسماع صوت يسوع الخارج من البيت .وفكان صوت يسوع المنبعث من داخل البيت كافى لعزاء الجميع وجعلهم فى سعادة وخشوع وفرح .
((وجاء وا اليه مقُدمين مفلوجآ يحمله أربعة واذ لم يقدروا أن يقتربوا اليه من أجل الجمع مر 2 : 3 )))
أنه شخص مشلول تمامآ لا يقدر على الحركة أو خدمة نفسه ,يجلس على سرير وله أربعة أصدقاء هم مسئولين عن خدمته تطوعآ من المحبة.
ولمح هذا الشخص المشلول أصدقائه الاربعة مُسرعين وعلى وجوههم فرح ولهفة .! فصرخ نحوهم وبالكاد أستطاع أن يجعلهم ينتبهوا لصراخه .
وعادوا اليه ظانين انه فى حاجة الى خدمتهم ولكنه سألهم عن سبب الرجاء والفرح الغريب الظاهر فيهم_ وعلى غير العادة_ فكان ردهم جميعآ يسوع عاد وأنه فى البيت البعيد هذا ونحن فى لهفة لسماعه .
فكلامه كالسيف يدخل القلب ويقطع أى حزن فى القلب ,أنه شخص عجيب يقدر على كل شيئ يستطيع عمل أى شيئ ,حينئذآ زحف المفلوج نحو أقدام أصدقائه وتوسل بدموع لهم أن يحملوه الى يسوع هذا.
وتحنن قلب الاصدقاء على صديقهم المفلوج والذى لاحول له أو قوة ,فمد كل واحد منهم يده بالمحبة وحمل كل واحد منهم طرف من أطراف السرير وصاروا به حيث يوجد يسوع فى البيت .
وسادت فترة صمت خلال الطريق حتى البيت الذى يوجد به يسوع فكان الاصدقاء الخمسة فى حالة صلاة والجميع يطلب من قلبه أن يمد يده يسوع ويرتب شفاء لهذا المفلوج الذى تحرك قلبه بالايمان نحو شخص يسوع القادر على كل شيئ .
ولكن عندما وصلوا الى البيت حدثت مفاجأة لم تكن فى الحسبان كادت أن تُطيح بأيمان الاربعة والامل فى شفاء صديقهم .
فلقد وجدوا زحام حول الباب أكثر من الزحام الذى داخل البيت فلم يقدروا أن يقتربوا اليه بسبب الجمع. كاد أن يُفنى أيمان الاصدقاء لولا شدة ايمان المشلول الناتج عن شدة أحتياجه فصرخ المشلول بقوة لابد أن تقدموني ليسوع أنا فى حاجة شديدة ليسوع ولم يستطيع أن يُعبر عن ما بداخله لان جميع أعضاءه مشلوله ..!
فتجمعت مشاعره كلها فى دموعه التى سالت مثل ينبوع لا يتوقف أعاد أيمان الاصدقاء من جديد بل ضاعف هذا الايمان .
وكأن روح الله كان يُعزز هذا الايمان فأنفتحت قلوبهم وعقولهم وبرزت فكرة عظيمة فى عقولهم :
(كشفوا السقف حيث كان ( يسوع )وبعد ما نقبوه ُ دلوا السرير الذى كان المفلوج مضطجعآ عليه مر 5 : 4)
صعدوا من خلف البيت وبصعوبه على سلم متنقل من الخشب حتى السقف , وكشفوا السقف حيث كان يسوع واقف يتكلم ..
عجيب هو الرب يسوع المسيح محب البشر لقد كان قلبه يزداد فرح ونشوة وهو يتكلم مع الجمع بينما هو متابع بالروح قوة هذا الايمان الجبار.
وعندما نجح الايمان فى كشف السقف حيث كان يسوع ثم دلو ا السرير بحبل كل واحد من طرف وكانت عيونهم تصرخ ليسوع وهم من فوق ويسوع ينظر اليهم من أسفل البيت بفرح وقبول.
وتعجب الجميع من هذا المنظر وأخيرآ وجد المشلول نفسه قد وصل الى يسوع وكانت كل خلية فيه تصرخ ليسوع بأحتياج وحب ,, فلم يحتمل يسوع هذا القلب الجميل المتعطش .
(فلما رأى يسوع ايمانهم ( الخمسة ) قال للمفلوج يا بنى مغفورة لك خطاياك مر 2 : 5)
يسوع العجيب فى هذه المعجزة لم يمد يده عليه او تكلم معه بل قال له مغفورة لك خطاياك , أى أن يسوع وهب هذا الانسان المتشوق للحياة والخلاص , فعل الفداء النهائى على الفور او وهبة ُخلاصة الخلاص فهو قد الغى سلطان الخطية عليه فلقد قضى على الخطية وهى السبب الاساسى فى المرض.
(وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون فى قلوبهم لماذا يتكلم هذا هكذا بتجديف ؟ من يقدر ان يغفر الخطايا الا الله وحده ؟ مر 2 : 6 _ 7)
حدث الغفران فعلآ فلقد حمل يسوع خطيته بل بالحرى أعتبر نفسه هو المسئول عنها وليس هو , ولكن لم يظهر أمامهم شيئ حينئذآ:
تحرك فكر الفريسيون والكتبة لانهم يعتبرون أنفسهم هم المسئلوين عن وصايا الله , فلقد فكر كل منهم فى داخله أن يسوع هذا يعتبر مجدف , كيف يقول لهذا الرجل مغفورة لك خطاياك اليس الله هو الوحيد القادر على غفران الخطايا ؟
كانوا حاضرين فقط للحكم على يسوع لم تكن قلوبهم متعلقة بشخص يسوع فلم يرتفع إيمانهم الى ايمان هذا المشلول فلم يؤمنوا بيسوع أنه الله الذى جاء فى الجسد.
فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا فى أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم ؟ أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة خطاياك ام يقال قم وأحمل سريرك وأمشى ؟
لم يمنع المسيح أيضآ الفريسيون من نصيب من حبه رغم عدم أيمانهم فلقد وضع أمام عيونهم كل دليل على أنه هو الله الذى ظهر فى الجسد.
فلقد كشف داخلهم وكشف ما يدور فى نفوسهم واضعآ برهان أمام عيونهم بأنه الله فاحص القلوب والكلي وخاصآ انهم كتبة وفريسيين ويعلمون جيدآ أن فاحص القلوب والكلى هو الله .
ثم وضع أمام عقولهم تسأل هام جدآ _ أيهما أيسر غفران الخطية _والتى لا يمكن ملاحظته _ بالعيان ام الشفاء من المرض وهو ثمار الخطية ؟
طبعآ النطق بغفران الخطية أيسر ولكن شفاء مشلول وأعادة الحياة مرة أخرى الى أطرافه الميته صعب ولا يقدر عليه الا الله وحده,.
ولم ينتظر رد منهم ولكن اراد بعد أن كشف لعقولهم الطريق الى الايمان ان يصنع المعجزة امامهم وحينئذآ:
تقدم نحوهم وبنظرات حب حقيقية قال لهم :
ولكن لكى تعلموا أن لابن الانسان سلطانآ على الارض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك مر 2 : 10 _ 11
كل هذا والشخص المشلول مدلى من فوق فى وسط الجموع وقد شعر بالشفاء والراحة الداخلية بمجرد أن نطق يسوع بغفران خطاياه وحاله يقول:
اذ سمح لى يسوع أن اتكلم لهؤلاء......................الفريسيين والكتبة عن يسوع لقلت لهم أنى تذوقت الشفاء من بعيد بمجرد أن علمت انى ذاهب اليه ..قوة الحياة الحقيقية قد ملكت كيانى بمجرد نطق يسوع لى مغفورة لك خطاياك
ولكن هو عارف أن شهادته سوف لا يعتد بها لانه أنسان خاطى فى نظرهم ,ولهذا قال أصمت واكتفى بما يفعله يسوع .وفعالآ قال له يسوع قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك .
بمجرد أن أمر يسوع المشلول بالقيام وقد خرجت قوة القيامة من جسد يسوع وأقامت هذا المشلول وأعادة لاطرافه الميته الحياة من جديد.
فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل حتى بهت الجميع ومجدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط مر 2 : 12
لقد بهت الجميع جدآ حينما وجدوا الشخص الذى كان من لحظة نصفه ميت ومدلى من فوق يحمل سريره ويشق الزحام ويخرج قدام الكل ,
فأصحاب القلوب الحساسة والمحبة لشخص يسوع صرخوا بالمجد لله , والكل قال لم نرى مثل هذا قط فهذا هو بكل تأكيد هو الله الذى ظهر فى الجسد لكى يغفر الخطايا فهو غافر خطايانا بسلطانه الالهى ثم هو الذى يخلق فينا الحياة من جديد لانه منقذ حياتنا من الفساد
أمن جمع كثير من أصحاب القلوب الحساسة للايمان ما عدآ الفريسيون والكتبة الذين لهم عيون لا تبصر واذالن لا تسمع.
صلاة :
___________
ربى يسوع ما اروع شخصك الالهى حقيقى يارب كلما انكشفت نعمته فى الانجيل المقدس أظهرت حلاوة وروعة شخصك الالهى.
يارب أن شخص الالهى الذى تفاعل معنا ومع امراضنا ينكشف امام عيوننا كل يوم بصورة اوضح من خلال دراسة كلمات الانجيل الحية.
فكم انت رائع يارب .كم انت محب لنفسى الضعيفة , عجيب جدآ يارب ان تكون ان متحنن على ضعفاتنا وتقف وتنحاز جانب الضعيف والمريض والمحتاج.
حقآ ليس لجمالك وصف يا يسوع ,انت شهوة نفسى وانت أحتياج نفسى الحقيقى فيك يارب جميع ما تبحث عنه نفسى وتتمناه .
فأنت الطبيب الشافى لجميع امراضى حضورك فقط فى نفسى وفى قلبى شفاء لا يتوقف لنفسى , عذاء لا يوصف ,شبع ليس له حدود.
ومن أجل هذا أسجد تحت قدميك واطلب من كل أعماق قلبى أن تمكث معى يارب ولا تفارق قلبى ابدآ ,تعبت جدآ يارب فى العالم وفى التسكع فى العالم والسقوط تحت شهوات العالم وسلطان المادة.
واليوم انت هنا يارب بالحق حاضر كوعد الالهى الصادق بأنك معنا كل الايام والى انقضاء الدهر ,فلهذا ارجوك افتح عينى لكى ارك .
افتح قلبى لكى يشعر بحضورك ,ان كانت حوسى متبلده يارب لانها مدت جذورها فى العالم فلم تعد تستطيع ان تشعر بك فأنت شفيت المفلوج والذى ماتت اطرافه .
فلهذا اتقدم اليك محمول على شفاعة القديسين المحيطين بك وحولك ليس اربعة فقط كما حدث فى هذه المعجزة ولكن الوف من القديسين السمائين يطلبون عنى فمن اجل ايمانهم اشفنى يارب اشفى حواس لكى تستطيع ان تشعر بحضورك.
اشفى قلبى لكى يحبك بدون عائق او أنشغال.اشفى اطرافى لكى تحملنى رجلى لكى اسير فى طريق البر ,اشفى يدى حتى ارفعها بالتسبيح والشكر لك كل حين والى الابد امين
________________________________
أينما أيسر غفران الخطية أم الشفاء؟
عندما خُلق الانسان الاول كان فى صورة حسنة جدآ وكذلك كل الخليقة وبشهادة الخالق نفسه عنها:
ورأى الله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا تك 1 : 31
وكان الله قد أعطى سلطانآ للانسان ليكون سيد على الخليقة كلها ويتسلط عليها بينما لا يتسلط عليه اى شيئ :
وقال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا.فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض تك 1 : 26
فكان لا يعرف الخوف من اى شيئ فجميع الخلائق الاخرى تطيعه بأمر من الله حتى أن الارض نفسها كانت تحت سلطان أدم تُخرج ثمارآ جيدة ولا تنتج أبدآ شوكآ او حسك , حتى أن الطبيعة نفسها كانت هادئة تتنافس بجميع قوانينها فى أن تُرضى أدم وتكون مناسبة له , بحيث توفر له أحسن جو وهذا حسب أمر الله .
وكان الله قريب جدآ من أدم ولا يجد صعوبة فى الحديث معه والتفاهم معه , واستمرت الحياة وأدم لا يعرف الا طعم السعادة والفرح .
وكل الخليقة والطبيعة تحت أمره وهو متسلط عليها ., فلم يكن هناك وجود للمرض بأى صورة من صوره .ولكن شكل هذه الحياة كلها تغير بسقوط آدم ومخالفة وصية الله فدخلت الخطية الى حياة آدم وبالخطية دخل الموت ,وصار آدم ميت وبالتالى حدثت هوة كبيرة جدآ بين آدم والله وصار آدم فاسد _.
وبالتالى جميع البشر والذين خرجوا من آدم أصل البشرية الاول .هكذا صارت طبيعتهم هم أيضآ فاسدة وورثة البشرية الموت والفساد .
وهكذا أنتشرت الخطية فى العالم بسبب فساد طبيعة الانسان, ولم تسلم الارض أيضآ من اللعنة والفساد :
وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تأكل منها كل ايام حياتك تك 3 : 17
ولقد أخُضعت الخليقة للباطل ولكن ليس عن قصد منها ولكن بسبب آدم الذى قبل الخطية والموت :
اذ أخضعت الخليقة للبطل.ليس طوعا بل من اجل الذي اخضعها.على الرجاء رو 8 : 20
ومن هنا فقدت البشرية سلطانها وتسلطها على الطبيعة , وأهم شيئ فى هذا الامر هو أن الخطية التى دخلت للجنس البشرى ,كان من أهم ثمارها هو المرض بجميع أنواعه , .
فالمرض هو التعبير عن الخطية وتجسيدآ لقوتها وسلطانها , ولعل حادثة المولود أعمى توضح إنتشار هذا الفكر ,وخاصآ بين المهتمين بالدين والتلاميذ , فعندما وجدوا هذا المولود أعمى سألوا يسوع على الفور:
يا معلّم من اخطأ هذا أم ابواه حتى ولد اعمى يو 9 :1
+ ومن أجل هذا جاء يسوع المسيح الاله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء مريم تأنس ,جاء لكى يشفى الجنس البشرى من جميع أمراضها ,وذلك عن طريق الصليب الذى أباد الخطية وانهى عليها .
فيسوع محب البشر تجسد وظهر فى الجسد حتى يُدين الخطية فى الجسد ويقتلعها من جذورها من الجسد , وهكذا كان كان يسوع يغفر الخطية لكل شخص ضعيف معذب من الخطية .
وكان قلب يسوع يبحث ويفتش فى جميع المدن والقرى على النفوس الساقطة والمعذبة من الخطية , ويوفر لها الظروف ويحسها أن تأتى اليه لكى يغفر لها الخطية وبالتالى تنال الشفاء والراحة.
وغالبآ ما ذهب يسوع بنفسه الى خطاة مثل المرأة السامرية حتى يهبها الغفران والشفاء ,ومن هنا كانت مهمة يسوع الاساسية هو غفران خطية الانسان , .
لقد كانت سعادة يسوع فى رفع ثقل الخطية عن ضمير الانسان وقبول كل أنسان تعبان من خطيته حتى يحمل عنه جميع خطاياه .
هذه هى طبيعة ربنا يسوع المسيح وليس من فراغ أن يُلهم الله كاتب القداس الالهى أن يصف يسوع بأنه :
غافر خطايانا ومنقذ حياتنا من الفساد .........................( القداس الالهى )
ويتضح الان أن المرض شيئ دخيل على طبيعة الانسان وهكذا صار المرض هو تعبير عن الخطية واللعنة وهذا فى العالم القديم .
ويعتبر مرض الشلل صورة محزنة جدآ تعبر عن تملك الخطية على الانسان , فالشلل الذى يسبب عدم قدرة الانسان على الحركة تمامآ هو صورة لتملك الموت جزئيآ على الانسان .
ومن أجل هذا جاء يسوع المسيح ليهدم الموت فى الانسان وبالتالى تحل حياة المسيح فى الانسان لكى يحيا بها عوض الموت .
وبالتالى كانت حادثة شفاء المرض مثل مرض الشلل برهان على هدم المسيح للموت وظهور حياة المسيح عوض الموت.
ثم دخل كفر ناحوم أيضآ بعد أيام فسمع أنه فى بيت وللوقت اجتمع كثيرون حتى لم يعد يسع ولا ما حول الباب , فكان يخاطبهم بالكلمة مر 2 : 1 _ 2
كان يسوع قد أبتعد عن كفر ناحوم وكان غالبآ لا يغيب عنها طويلآ , فبعد أيام من غيابه خارج كفر ناحوم دخل يسوع المدينة مرة أخرى , وكان فى بيت لاحد المحبين ليسوع _ ويُقال أنه بيت القديس بطرس _ المهم أنه بيت سعيد لانه كان يقبل يسوع ليحل فيه .
وعندما سرى خبر وجود يسوع فى المدينة وفى هذا البيت السعيد.. فالذى يعمل فى الحقل ترك حقله والذى كان يعمل فى التجارة ترك تجارته , الجميع تركوا كل شيئ مدفوعين بشوق وحنين بصدق من القلب لسماع يسوع .
كانت كلامات يسوع السابقة لم تزل طعمها مثل الشهد فى حلقهم , كانوا مدفوعيين بجوع شديد لشخص يسوع حتى وجدوا أنفسهم تسير حيث يسوع موجود فى البيت دون تفكير أو مشورة .
الكل يُسرع حتى يجد مكان قريب من يسوع حتى ان البيت إمتلاء تمامآ ولم يكن هناك مكان داخل البيت فتجمع عدد أكثر خارج البيت وحول الباب مكتفين حتى بسماع صوت يسوع الخارج من البيت .وفكان صوت يسوع المنبعث من داخل البيت كافى لعزاء الجميع وجعلهم فى سعادة وخشوع وفرح .
((وجاء وا اليه مقُدمين مفلوجآ يحمله أربعة واذ لم يقدروا أن يقتربوا اليه من أجل الجمع مر 2 : 3 )))
أنه شخص مشلول تمامآ لا يقدر على الحركة أو خدمة نفسه ,يجلس على سرير وله أربعة أصدقاء هم مسئولين عن خدمته تطوعآ من المحبة.
ولمح هذا الشخص المشلول أصدقائه الاربعة مُسرعين وعلى وجوههم فرح ولهفة .! فصرخ نحوهم وبالكاد أستطاع أن يجعلهم ينتبهوا لصراخه .
وعادوا اليه ظانين انه فى حاجة الى خدمتهم ولكنه سألهم عن سبب الرجاء والفرح الغريب الظاهر فيهم_ وعلى غير العادة_ فكان ردهم جميعآ يسوع عاد وأنه فى البيت البعيد هذا ونحن فى لهفة لسماعه .
فكلامه كالسيف يدخل القلب ويقطع أى حزن فى القلب ,أنه شخص عجيب يقدر على كل شيئ يستطيع عمل أى شيئ ,حينئذآ زحف المفلوج نحو أقدام أصدقائه وتوسل بدموع لهم أن يحملوه الى يسوع هذا.
وتحنن قلب الاصدقاء على صديقهم المفلوج والذى لاحول له أو قوة ,فمد كل واحد منهم يده بالمحبة وحمل كل واحد منهم طرف من أطراف السرير وصاروا به حيث يوجد يسوع فى البيت .
وسادت فترة صمت خلال الطريق حتى البيت الذى يوجد به يسوع فكان الاصدقاء الخمسة فى حالة صلاة والجميع يطلب من قلبه أن يمد يده يسوع ويرتب شفاء لهذا المفلوج الذى تحرك قلبه بالايمان نحو شخص يسوع القادر على كل شيئ .
ولكن عندما وصلوا الى البيت حدثت مفاجأة لم تكن فى الحسبان كادت أن تُطيح بأيمان الاربعة والامل فى شفاء صديقهم .
فلقد وجدوا زحام حول الباب أكثر من الزحام الذى داخل البيت فلم يقدروا أن يقتربوا اليه بسبب الجمع. كاد أن يُفنى أيمان الاصدقاء لولا شدة ايمان المشلول الناتج عن شدة أحتياجه فصرخ المشلول بقوة لابد أن تقدموني ليسوع أنا فى حاجة شديدة ليسوع ولم يستطيع أن يُعبر عن ما بداخله لان جميع أعضاءه مشلوله ..!
فتجمعت مشاعره كلها فى دموعه التى سالت مثل ينبوع لا يتوقف أعاد أيمان الاصدقاء من جديد بل ضاعف هذا الايمان .
وكأن روح الله كان يُعزز هذا الايمان فأنفتحت قلوبهم وعقولهم وبرزت فكرة عظيمة فى عقولهم :
(كشفوا السقف حيث كان ( يسوع )وبعد ما نقبوه ُ دلوا السرير الذى كان المفلوج مضطجعآ عليه مر 5 : 4)
صعدوا من خلف البيت وبصعوبه على سلم متنقل من الخشب حتى السقف , وكشفوا السقف حيث كان يسوع واقف يتكلم ..
عجيب هو الرب يسوع المسيح محب البشر لقد كان قلبه يزداد فرح ونشوة وهو يتكلم مع الجمع بينما هو متابع بالروح قوة هذا الايمان الجبار.
وعندما نجح الايمان فى كشف السقف حيث كان يسوع ثم دلو ا السرير بحبل كل واحد من طرف وكانت عيونهم تصرخ ليسوع وهم من فوق ويسوع ينظر اليهم من أسفل البيت بفرح وقبول.
وتعجب الجميع من هذا المنظر وأخيرآ وجد المشلول نفسه قد وصل الى يسوع وكانت كل خلية فيه تصرخ ليسوع بأحتياج وحب ,, فلم يحتمل يسوع هذا القلب الجميل المتعطش .
(فلما رأى يسوع ايمانهم ( الخمسة ) قال للمفلوج يا بنى مغفورة لك خطاياك مر 2 : 5)
يسوع العجيب فى هذه المعجزة لم يمد يده عليه او تكلم معه بل قال له مغفورة لك خطاياك , أى أن يسوع وهب هذا الانسان المتشوق للحياة والخلاص , فعل الفداء النهائى على الفور او وهبة ُخلاصة الخلاص فهو قد الغى سلطان الخطية عليه فلقد قضى على الخطية وهى السبب الاساسى فى المرض.
(وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون فى قلوبهم لماذا يتكلم هذا هكذا بتجديف ؟ من يقدر ان يغفر الخطايا الا الله وحده ؟ مر 2 : 6 _ 7)
حدث الغفران فعلآ فلقد حمل يسوع خطيته بل بالحرى أعتبر نفسه هو المسئول عنها وليس هو , ولكن لم يظهر أمامهم شيئ حينئذآ:
تحرك فكر الفريسيون والكتبة لانهم يعتبرون أنفسهم هم المسئلوين عن وصايا الله , فلقد فكر كل منهم فى داخله أن يسوع هذا يعتبر مجدف , كيف يقول لهذا الرجل مغفورة لك خطاياك اليس الله هو الوحيد القادر على غفران الخطايا ؟
كانوا حاضرين فقط للحكم على يسوع لم تكن قلوبهم متعلقة بشخص يسوع فلم يرتفع إيمانهم الى ايمان هذا المشلول فلم يؤمنوا بيسوع أنه الله الذى جاء فى الجسد.
فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا فى أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم ؟ أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة خطاياك ام يقال قم وأحمل سريرك وأمشى ؟
لم يمنع المسيح أيضآ الفريسيون من نصيب من حبه رغم عدم أيمانهم فلقد وضع أمام عيونهم كل دليل على أنه هو الله الذى ظهر فى الجسد.
فلقد كشف داخلهم وكشف ما يدور فى نفوسهم واضعآ برهان أمام عيونهم بأنه الله فاحص القلوب والكلي وخاصآ انهم كتبة وفريسيين ويعلمون جيدآ أن فاحص القلوب والكلى هو الله .
ثم وضع أمام عقولهم تسأل هام جدآ _ أيهما أيسر غفران الخطية _والتى لا يمكن ملاحظته _ بالعيان ام الشفاء من المرض وهو ثمار الخطية ؟
طبعآ النطق بغفران الخطية أيسر ولكن شفاء مشلول وأعادة الحياة مرة أخرى الى أطرافه الميته صعب ولا يقدر عليه الا الله وحده,.
ولم ينتظر رد منهم ولكن اراد بعد أن كشف لعقولهم الطريق الى الايمان ان يصنع المعجزة امامهم وحينئذآ:
تقدم نحوهم وبنظرات حب حقيقية قال لهم :
ولكن لكى تعلموا أن لابن الانسان سلطانآ على الارض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك مر 2 : 10 _ 11
كل هذا والشخص المشلول مدلى من فوق فى وسط الجموع وقد شعر بالشفاء والراحة الداخلية بمجرد أن نطق يسوع بغفران خطاياه وحاله يقول:
اذ سمح لى يسوع أن اتكلم لهؤلاء......................الفريسيين والكتبة عن يسوع لقلت لهم أنى تذوقت الشفاء من بعيد بمجرد أن علمت انى ذاهب اليه ..قوة الحياة الحقيقية قد ملكت كيانى بمجرد نطق يسوع لى مغفورة لك خطاياك
ولكن هو عارف أن شهادته سوف لا يعتد بها لانه أنسان خاطى فى نظرهم ,ولهذا قال أصمت واكتفى بما يفعله يسوع .وفعالآ قال له يسوع قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك .
بمجرد أن أمر يسوع المشلول بالقيام وقد خرجت قوة القيامة من جسد يسوع وأقامت هذا المشلول وأعادة لاطرافه الميته الحياة من جديد.
فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل حتى بهت الجميع ومجدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط مر 2 : 12
لقد بهت الجميع جدآ حينما وجدوا الشخص الذى كان من لحظة نصفه ميت ومدلى من فوق يحمل سريره ويشق الزحام ويخرج قدام الكل ,
فأصحاب القلوب الحساسة والمحبة لشخص يسوع صرخوا بالمجد لله , والكل قال لم نرى مثل هذا قط فهذا هو بكل تأكيد هو الله الذى ظهر فى الجسد لكى يغفر الخطايا فهو غافر خطايانا بسلطانه الالهى ثم هو الذى يخلق فينا الحياة من جديد لانه منقذ حياتنا من الفساد
أمن جمع كثير من أصحاب القلوب الحساسة للايمان ما عدآ الفريسيون والكتبة الذين لهم عيون لا تبصر واذالن لا تسمع.
صلاة :
___________
ربى يسوع ما اروع شخصك الالهى حقيقى يارب كلما انكشفت نعمته فى الانجيل المقدس أظهرت حلاوة وروعة شخصك الالهى.
يارب أن شخص الالهى الذى تفاعل معنا ومع امراضنا ينكشف امام عيوننا كل يوم بصورة اوضح من خلال دراسة كلمات الانجيل الحية.
فكم انت رائع يارب .كم انت محب لنفسى الضعيفة , عجيب جدآ يارب ان تكون ان متحنن على ضعفاتنا وتقف وتنحاز جانب الضعيف والمريض والمحتاج.
حقآ ليس لجمالك وصف يا يسوع ,انت شهوة نفسى وانت أحتياج نفسى الحقيقى فيك يارب جميع ما تبحث عنه نفسى وتتمناه .
فأنت الطبيب الشافى لجميع امراضى حضورك فقط فى نفسى وفى قلبى شفاء لا يتوقف لنفسى , عذاء لا يوصف ,شبع ليس له حدود.
ومن أجل هذا أسجد تحت قدميك واطلب من كل أعماق قلبى أن تمكث معى يارب ولا تفارق قلبى ابدآ ,تعبت جدآ يارب فى العالم وفى التسكع فى العالم والسقوط تحت شهوات العالم وسلطان المادة.
واليوم انت هنا يارب بالحق حاضر كوعد الالهى الصادق بأنك معنا كل الايام والى انقضاء الدهر ,فلهذا ارجوك افتح عينى لكى ارك .
افتح قلبى لكى يشعر بحضورك ,ان كانت حوسى متبلده يارب لانها مدت جذورها فى العالم فلم تعد تستطيع ان تشعر بك فأنت شفيت المفلوج والذى ماتت اطرافه .
فلهذا اتقدم اليك محمول على شفاعة القديسين المحيطين بك وحولك ليس اربعة فقط كما حدث فى هذه المعجزة ولكن الوف من القديسين السمائين يطلبون عنى فمن اجل ايمانهم اشفنى يارب اشفى حواس لكى تستطيع ان تشعر بحضورك.
اشفى قلبى لكى يحبك بدون عائق او أنشغال.اشفى اطرافى لكى تحملنى رجلى لكى اسير فى طريق البر ,اشفى يدى حتى ارفعها بالتسبيح والشكر لك كل حين والى الابد امين