║أقبـــاط مصــر في لمحة سريعة
╚═══════════════════╝
القبط من أعرق الشعوب الشرقية, فهم سلالة مصر القديمة "مصر الفرعونية" تتصل مدنيتهم بأقدم أزمنة التاريخ. ومن المآثر الغراء التي خَلدها التاريخ في أول عهد المسيحية زيارة الأسرة المقدسة لوادي النيل.
وتقول التقاليد إن الأقباط أخذوا التعاليم المسيحية عن الرسول "مرقس" الإنجيلي الذي يعتبر كاروز الديار المصرية وأول أساقفتها، وقد برز من بينهم علماء روحانيين مثل "أوريجانوس" و"أثناسيوس" و"كيرلس" وغيرهم الذين كَللوا بالمجد والفخار هامة الكنيسة -جماعة المؤمنين- في القرون الأولي من تاريخ الحياة المسيحية, وحملوا لواء العلوم الخاصة بالمبادئ المسيحية في ربوع الشرق, وبذلوا دماءهم رخيصة في سبيل الاعتصام بالحياة الجديدة (المسيحية).
وقد سجل التاريخ مناظرات يؤسف لها بين كرسيّ الإسكندرية والقسطنطينية حول مسائل تناولتها المجامع المسكونية, وخاصة في "نيقية" و"خلقيدونية". وأدى هذا الخلاف في آخر الأمر إلى انشقاق الأقباط ومعهم السريان والأرمن عن الكنيسة اليونانية الشرقية, واستقلال كل منها بشئونها الروحية وتنصيب أساقفتها، وكانت مصر قبيل الفتح العربي ولاية تابعة للدولة الرومانية الشرقية في بيزنطة, فلم يكن منهم إلاّ أن أبطلوا استعمال اللغة اليونانية في كنائسهم, ومهدوا للعرب سبيل الاستيلاء على مصر في عام 640 م... وقد أراد الفاتحون الاعتراف بهذا الجميل, فظاهروا القبطي "بنيامين", وطردوا البطريرك اليوناني من البلاد بذلك لتنقطع بذلك كل الصلات مع كرسي بيزنطة.
ولأن كان الأقباط قد لقوا القليل من التسامح في بدء الفتح العربي, فإن الولاة الذين أقيموا عليهم فيما بعد كانوا أشر من أباطرة اليونان, فأسقوهم كل صنوف الإذلال والظلم, ولما أشتد الضغط ثار القبط أكثر من مرة ولكن ثوراتهم قمعت بالقسوة والعنف, ونكل بهم أشد تنكيل. حتى أضطر الأساقفة إلى الهجرة, وتحوّل خلق كبير من المصريين إلى الإسلام فراراً من الاضطهاد والموت.
وفي أوائل القرن الثامن تحولت كتابة الدواوين من القبطية إلى العربية, وطرد الأقباط من وظائفهم لأقل سبب, ولكن الحكام كانوا يعيدونهم في أحوال كثيرة كلما أحسوا بعدم إمكانية الاستغناء عنهم وعن خدماتهم والحاجة إلى خبراتهم ودرايتهم.
وفي أوائل القرن الرابع عشر ثار المسلمون على القبط بتحريض أحد الدراويش فهدموا كنائس القطر المصري وأحرقوها بالنار, وحدث شغب عظيم كان يقتل فيه الأقباط في الطرقات أينما ساروا وأقفلت كنائس القبط مدة سنتين كاملتين, ولم يكن يجرؤ أحد على الخروج من داره خفية. وهنا تدخل الإمبراطور البيزنطي وحمل الخليفة الناصر على الكف عن هذا الاضطهاد, فهدأت الحال إلى حد ما, ولكن حظر علي الأقباط ركوب الخيل أو البغال أو لبس العمامة البيضاء, ومن خالف الأمر حكم عليه بالموت. وكان الدهماء لأتفه الأسباب يشنون الغارات علي الأقباط ويهدمون كنائسهم وينهبون منازلهم, وكانت الحكومة تشجع على هذا الاضطهاد في بعض الأحيان لحمل الأقباط على اعتناق الإسلام, كما حدث مثلاً في عهد الخليفة المتوكل في القرن الرابع عشر وغيره من الأسلاف.
وبعد العرب دانت مصر للعثمانيين, فلم يكن الأقباط بأوفر حظاً في عهدهم, فتحول كثيرون منهم إلى الإسلام بعد الفتح التركي, وتناقص عددهم بسبب اضطهاد باشاوات الترك الذين كانوا يسلبونهم أموالهم, وقيل إن عددهم نقص في القرن السابع عشر إلى مائة وخمسين ألفاً بعد أن كانوا عند الفتح العربي سبعة ملايين.
وجاء نابليون بعد الترك وتظاهر بأنه تحوّل إلى الدين الإسلامي وتبعه قائد الجيش الجنرال مينو الذي سمىَ نفسه عبد الله وتزوج بابنة أحد عامة الشعب، ولم يأتي القائد الفرنسي بهذا العمل حباً في الدين الإسلامي بل لاسترضائهم، وكان من جراء هذا أن ذل الأقباط في عصر الفرنسيس مثلما فعل فيهم كل من اليونانيين والعرب والترك.
وها هُم جميع الأقباط المصريين يجاهدون ويكافحون إلى أن جاء عهد "محمد علي" الكبير مؤسس مصر الحديثة فأحسن معاملة المسيحيين إلى حد ما... وأكرم بعض الرجال المسيحيين, لكي ينتفع بهم في خدمة الدولة، فتنفسوا الصعداء في عصره وعصور خلفائه, وتمتعوا بالحرية في ممارسة الطقوس الروحية التي حرموها دهوراً طويلة.
وما تزال الكنيسة القبطية محافظة على تقاليدها القديمة, مجاهدة في سبيل الاحتفاظ بحرياتها الروحية كاملة.
تارة تمر بعصر اضطهاد شديد, وتارة تمر بعصر اضطهاد أشد ... إلى أن جاء الاحتلال الإنجليزي وأجبر ولاة مصر الأغراب عن التخفيف الكلي عن المسيحيين، وتتابعت الأحداث وجاءت ثورة 1919 وأتحد المسيحيين مع المسلمين في هذه الثورة... لكن كل هذه الوحدة كانت عمليات ظاهرة فقط.. لكنهم كانوا يخفون في صدورهم الكُره والضغينة ضد المسيحية.. إلى أن جاءت الثورة 1953 وأتى تتظاهر حتى يومنا هذا بأحقية مَن يعيش الحياة المسيحية بأن يمارس حياته بالكامل من حقوق وواجبات.
ما زالت المسيحية تقابلها حتى الآن الصعوبات والمشاكل لكن وعد الرب لنا أن جميع قوّىَ الشر لا تقدر أن تقف أمام الكنيسة المصرية "جماعة المؤمنين".
تعالوا بنا نرنم لوحدة كنيستنا ونهتف ونقول:
إن كنيسة العلي....... واحدة طول المدى
والرب سيد لها....... يحفظها من العدى
خليقة جديدة....... بالماء والكلمة
جاء لكي ينقذها....... من أسرها بالنعمة
ومهما حدث فسنظل اقباط الى الابد
█▓▒░ الاقبـــــاط مصـريـون