القاهرة - مصطفى سليمان
تقدمت محامية قبطية بطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بمصر، ضد حكم أصدرته محكمة القضاء الإداري برفض أوراقها التي تقدمت بها لمسابقة القاضيات التي تم الاعلان عنها في فبراير 2007.
وقالت المحامية مريم رؤوف عياد في أوراق الطعن إن الشريعة الاسلامية لا تمنع عملها بالقضاء، ولا يوجد نص في الدستور يفرق بينها كونها مسيحية وبين زميلاتها المسلمات التي تم قبولهن.
وتعد مريم رؤوف أول مسيحية في مصر تتقدم بطلب تعيينها قاضية، وأكدت لـ”العربية.نت” إن محكمة القضاء الإداري لم تشر إلى أن ديانتها سبب رفض أوراقها، بل بررت ذلك كونها ليست عضوا في النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة وفقا للشروط المعلن عنها للتقدم للمسابقة.
وبدأ ادخال نساء إلى سلك القضاء المصري لأول مرة في العام الماضي حيث أدت 30 قاضية اليمين القانونية وسط احتجاجات واسعة من القضاة المحافظين الذين رأوا ذلك مناقضا للشريعة الاسلامية كون شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين وبالتالي لا يمكنها أن تجلس على مقعد القاضي.
وأضافت: لكني فوجئت بأن هناك محامية شهيرة، هي تهانى الجبالى ليست عضوا فى هذه الهيئات ومع ذلك تم قبول أوراقها، ولهذا أقمت دعوى قضائية فى 5 -3-2007 أطالب فيها بأحقيتى فى هذه الوظيفة وتقابلت مع مساعد وزير العدل، وقلت له إن هذه الشروط مجحفة ومخالفة للدستور والقانون ومخالفة أيضا لقانون السلطة القضائية ذاته. كما أننى متفوقة على بعض المتقدمات، فقد تخرجت من كلية حقوق القاهرة بتقدير عام جيد وحصلت على دبلوم القانون الخاص المدنى ثم دبلوم العلوم الجنائية، وسجلت رسالة للحصول على الدكتوراة بعنوان “الحماية الجنائية للأطفال”.
ليست تمييزا دينيا
وقالت مريم “فوجئت حينما تقدمت لاختبار القاضيات بالاستبعاد فأقمت دعوى قضائية، ولكن هيئة قضايا الحكومة دفعت بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيا واختصاص احدى دوائر محكمة استئناف القاهرة تسمى “دائرة رجال القضاء “بالنظر فى الدعوى.
وتابعت قائلة: هذا الدفع مخالف لقانون مجلس الدولة نظرا لأننى أطعن على قرار اداري، وهو قرار استبعادي، وعدم قبول أوراقي كمقدمة من مقدمات تعييني قاضية، ومن ناحية أخرى يخالف هذا الدفع قانون السلطة القضائية لأن الدائرة المشار اليها لا تختص الا بالدعاوى التى يرفعها رجال القضاء علما بأننى لست قاضية، وعلى هذا تقدمت بطعن أمام الادارية العليا بتاريخ وستحدد قريبا جلسة لنظره.
وتساءلت عياد “لماذا لا يطبق على ما طبق على تهانى الجبالي وهي محامية حرة؟ ذلك دعاني للاستشهاد بحالتها فى الدعوى، لم أقل بأن هذا تمييزا بسبب ديانتي المسيحية وأرفض تصنيفها تصنيفا طائفيا واستغلال قضيتي في ما يتردد من مزاعم باضطهاد الأقباط أو التمييز الدينى ضدهم.
استطردت: أنا مصرية أعشق القانون، ولست بحاجة الى شهرة أو مال أونفوذ، فجدي لأبي كان من أثرياء مصر فى العهد الملكى، ويوجد شارع فى وسط القاهرة بمنطقة شبرا يحمل اسمه حتى الآن، وورثت عن أبي ووالدتي أراضي وعقارات تغنيني عن طلب الثروة.
وأضافت: القضية بالنسبة لي مجرد دفاع عن حقى كمصرية. أعشق تراب هذا الوطن وأرفض المساس به من أي جهة خارجية، ولكني اتمسك حرفيا بالشروط القانونية نظرا لأننى لست محامية مشهورة مثل تهاني الجبالي.
الشريعة لا تمنع تعييني
وأشارت مريم إلى أنها درست دراسات مقارنة بين القانون الوضعى والشريعة الاسلامية، لأن الشريعة الاسلامية مصدر من مصادر القوانين الوضعية فى مصر، ودرست أيضا مسائل الأحوال الشخصية فى الشريعة الاسلامية والمواريث.
كما درست عقود الاجارة في دبلوم القانون المدني، بالاضافة إلى مئات من الأحاديث النبوية ونظرية الضرورات تبيح المحظورات فى الاسلام. أضافت: الشريعة الاسلامية لن تكون عائقا لتعييني قاضية لكوني مسيحية. فهناك عشرات من القضاة الأقباط من الرجال أثبتوا جدارة فائقة فى أحكامهم مثل المستشار المرحوم حنا ناشد والمستشار غبريال ابراهيم غبريال مستشار مجلس الدولة السابق والمحامى حاليا.
وأكدت مريم أن الرسالة التى تريد ابلاغها من خلال هذه الدعوى أن استبعاد فئة على حساب أخرى فيه مخالفة لقانون السلطة القضائية ذاته، بل مخالف للدستور الذى نص على مبدأ المواطنة وقد جاء فى قانون السلطة القضائية الفئات التى يحق لها التعيين فى منصب القضاء فى المحاكم الابتدائية، ومن ضمنها المحامين الذين عملوا أمام محاكم الاستئناف لسنوات متتالية بشرط أن يكونوا قد مارسوا المحاماة لمدة 9 سنوات.
وقالت: نصت المادة 47 من القانون على أنه لا يجوز عند التعيين فى وظيفة قاضي بالمحاكم الابتدائية أن تقل نسبة تعيين المحامين عن الربع، لكل هذه الاسباب “أصر على حقى فى التعيين قاضية”.
30 قاضية مسلمة
وكانت 30 قاضية مصرية، ليست بينهن مسيحية واحدة، أدين اليمين القانونية للعمل كقاضيات في 10-4-2007 وغالبيتهن من المحجبات، وذلك لأول مرة في تاريخ القضاء المصري الذي كان مقتصرا على الرجال فقط.
وأثارت هذه الخطوة في حينها اعتراضات كثيرة وجدلا واسعا واعتبرت منافية للشريعة الاسلامية وقرارا سياسيا موجها للغرب للايحاء بأن مصر تنتهج سياسات تحررية على حد قول القاضي البارز محمود الخضيري رئيس نادي القضاة في مدينة الاسكندرية ونائب رئيس محكمة النقض.
وشن قضاة محافظون حملة استهدفت وقف ما اعتبروه استثناء من القاعدة واحتجوا بأن الشريعة الاسلامية لا تسمح بوجود نساء في مناصب القضاء بينما قال آخرون إن اشتغال المرأة بالقضاء سيتسبب في مشاكل أسرية.
ويقول المنتقدون ان شهادة الرجل أمام القضاء تعادلها شهادة امرأتين ولذلك لا يمكن أن تجلس المرأة على مقعد القاضي بحسب رأيهم. جدير بالذكر أن هناك عدة دول عربية تعمل فيها النساء بالقضاء.