<hr style="COLOR: #d1d1e1" SIZE=1>
كيف وصل إلينا الكتاب المقدس؟
بقلم نيافة الأنبا ابرآم
† (2بط 20:1-21) "عالمين هذا أولاً: أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص.لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس".
† منذ بداية الخليقة كان الله يتعامل مع البشرية بالتعليم الشفاهى والتقليد والتسليم من جيل الى جيل حتى عصر موسى النبى. وكان يكلمهم عن طريق الأنبياء أيضاً. كما ذكر القديس بولس الرسول قائلاً فى (عب 1:1) "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى ابنه..." إلى أن أحتاجت البشرية إلى كتاب مكتوب ينظم العلاقة بين الله والإنسان عبر الزمان، ويعلن عن محبته وفدائه له، وكان لابد من شريعة مكتوبة تعضد التسليم وتضبط الشريعة الطبيعية فى الإنسان فكتب الله الشريعة الأدبية وسلمها لموسى النبى فى جبل سيناء على لوحى العهد ثم أوحى إليه بالأسفار الخمسة (الناموس أو التوراة) وأمره أن يكتب ذلك ويسلمه للأجيال (خر 4:17) "وقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً فى الكتاب، وضعه فى مسامع يشوع" وفى
(تث 9:31) "وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بنى لاوى حاملى تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل" والذين بدورهم سلموها لأجيال بعدهم. لذلك نذكر المراحل التى مر بها الكتاب المقدس حتى وصل إلينا.
أولاً: مرحلة التعليم الشفاهى والتقليد والتسليم
† وبدأ التعليم الشفاهى للوصية من الله للبشرية، بداية من أبينا آدم وأمنا حواء، ثم توارثته الأجيال بالتسليم والتقليد المعاش مثال هابيل البار الذى قدم ذبيحة مقبولة لله من أبكار غنمه ولم تكن هناك وصية مكتوبة بذلك لكنه عاش الوصية بالتسليم ونظر الرب إليه كما فى (تك 4:4) "وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه".
† كذلك نوح البار (تك 20: "وبنى نوح مذبحاً للرب... فتنسم الرب رائحة الرضا..." (تك 20:8-21) ولم تكن هناك وصية مكتوبة لكنه عاش الوصية بالتقليد والتسليم ثم سلمها للاجيال. حتى أننا نقرأ عن أبينا إبراهيم أنه فى (تك7:12- "فبنى هناك مذبحاً للرب..." وهكذا أبينا يعقوب فى بيت إيل أقام مذبحاً ودشنه (تك 28: 18) "وأقامه عموداً وصب زيتاً على رأسه".
† مثال آخر على حفظ الوصية بالتسليم والحياة المعاشة يوسف الصديق (تك 9:39) قائلاً: "كيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله" - ولم تكن وصية مكتوبة فى أيامه.حتى بعد الشريعة المكتوبة أوصى الرب بالشريعة الشفاهية قائلاً: (تث 9:4) "إنما أحترز واحفظ نفسك جداً لئلا تنسى الأمور التى ابصرت عيناك ولئلا تزول من قلبك كل أيام حياتك وعلمها أولادك وأولاد أولادك" وفى (تث 7:6) "وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس فى بيتك...".وكذلك فى العهد الجديد نذكر بعض الآيات التى تؤكد دور التسليم الشفاهى فى حفظ الوصية (2 تى 2:2) "وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناس أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين" وفى (2يو 13،14) يقول " وكان لى كثير لأكتبه لكننى لست أريد ان أكتب إليك بحبر وقلم، ولكننى أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فماً لفم" وراجع (يو 30:20-31)، (يو 25:21).. الخ.
ثانياً: مرحلة الكتابة
† استغرقت قرابة 1600 سنة كتابة الكتاب المقدس بعهديه.
† أكثر من 40 شخصاً أشترك فى الكتابة، جميعهم من اليهود، ماعدا لوقا الإنجيلى (طبيب أنطاكى).
† العهد القديم (46 سفراً) أشترك فى كتابتها أكثر من 32 شخصاً.
† العهد الجديد 8 أشخاص سجلوا ما جاء فيه بالوحى الإلهى.
† والكتاب كتب فى ثلاثة قارات (آسيا وأفريقيا وأوربا).
المواد التى كتب عليها الكتاب المقدس :
1- الحجارة :
الوصايا العشرة كتبها الله باصبعه على الحجارة: فالكتابة على الحجر معروفة منذ العصر الحجرى حيث كان الإنسان يكتب على الحجارة أولاً (العصر الحجرى). وكتب يشوع على الحجارة (يش 32: "وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التى كتبها أمام بنى إسرائيل".
2- الدرج :
أ- من ورق البردى : المُصنع من نبتة قصبة البردى، وكانت تنمو فى المستنقعات فى مصر، وفى شمال فلسطين، ويصنع الورق من القشرة الرقيقة الداخلية للقصبة.
ب- من الجلد : جلد أغنام - ماعز - غزلان... المهم أن يكون حيوان طاهر.
† وكانت الكتابة فى أيام التوراة على الدرج فى صورة أعمدة من الداخل، وإذا أقتضى الأمر فمن الخارج أيضاً. وكان القارئ يفتح الدرج من ناحية خلال القراءة، ويغلقه من الناحية الأخرى. هكذا قال الرب لإرميا عن الدرج: "خذ لنفسك درج سفر وأكتب فيه كل الكلام الذى كلمتك به" (إر 2:36).
3- الرقوق :
كانت تصنع من جلد الحيوانات الطاهرة، بطرق خاصة. وكان الرق أمتن من الورق البردى، ومتوافراً أكثر فى فلسطين.
4- المجلد :
هو مرحلة سابقة للكتاب الحديث، ويحتوى المجلد على عدد من الأوراق المخطوطة، المثبتة معاً عند طرفها وكانت المجلدات غالباً تحفظ ضمن غلافين، وبدأ أستخدامها فى القرن الثالث الميلادى.
5- السفر :
هو الكتاب (المحسوبة حروفه) لأن كلمة سُفريم هى من الفعل العبرى سُفير، بمعنى يحسب لأنهم كانوا يحسبون حروف الأسفار ويعملون إحصائية فى نهاية كل سفر بحروف السفر، والحرف المتوسط والكلمة المتوسطة والآية المتوسطة حتى يمكن ضبط النسخ الجديدة.
هل كانت الكتابة موجودة فى زمن موسى النبى ؟
موسى النبى تهذب بكل حكمة المصريين، ويوجد سند تاريخى على ذلك: قال جريبو فى رسالته التى حررها على رسالة شمبوليون الشهير (أول من قرأ اللغة الفرعونية المصرية القديمة) أن موسى النبى كان يكتب على البردى، بل ويوجد فى متحف (تورين) بردية مكتوبة بالقلم المصرى، تشتمل على وثيقة محررة فى عهد تحتمس الثالث، الذى يرجع عصره لأيام موسى النبى.
شروط الكاتب أو المترجم للكتاب :
أن يكون حكيماً - ويتطهر بالماء قبل الكتابة - يستعد بقلب خاشع - يستخدم جلد حيوان طاهر- لا يعتمد على ذهنه الخاص ولو بكلمة واحدة - ينطق بصوت مسموع ليشغل النظر والسمع - ولا يلتفت لأحد أثناء الكتابة - عندما يأتى أسم الله (لفظ الجلالة) يسجد قبل كتابته ويكتبه بقلم خاص - وكان لابد من المراجعة - وإذا وجد أكثر من ثلاثة أخطاء مصححة تحرق النسخة بالنار. (وكان الناسخون من الكهنة وبعد ذلك حل محلهم الكتبة من غير الكهنة).
† يقول فيلو اليهودى الإسكندرى: (إن اليهودى يفضل أن يموت عشرة آلاف مرة عن أن يسمح لكلمة واحدة أن تتبدل فى التوراة).
اللغة التى كُتب بها الكتاب المقدس :
1- اللغة العبرية : العهد القديم كُتب بالعبرية (والعبرية تحتوى على 22 حرفاً فى الأبجدية وتقرأ من اليمين إلى اليسار مثل العربية)، وتستخدم الأرقام من الحروف الأبجدية العبرية أيضاً مثل اليونانية والقبطية فى استخدام الأرقام.
† كُتب بالعبرية فيما عدا بعض الآيات والكلمات القليلة كُتبت بالآرامية، راجع (عز 8:4)، (عز 18:6)، (عز 12:7-26)، (إر 11:10)، (دا 4:2)، (28:7) ونذكر منها.
† مثال (عز 12:7-26) رسالة "من أرتحشستا ملك الملوك إلى عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل إلى آخره" فالرسالة كتبت من ملك فارس باللغة الأرامية السائدة فى ذلك الوقت.
† مثال آخر (دا 4:2) فى موقف حلم نبوخذ نصر ملك بابل "فكلم الكلدانيون الملك بالآرامية عش أيها الملك إلى الأبد. أخبر عبيدك بالحلم فنبين تعبيره". وبعض مفردات آرامية فى سفر أستير ونشيد الأناشيد - وحزقيال ويونان.
† والخط العبرى هو أحد أشكال الكتابة الفينيقية وهى إحدى اللغات السامية وظلت مُستخدمة حتى القرن السادس قبل الميلاد (إلى السبى البابلى حيث حدث شئ من الخلط فى اللغات فيما بعد ذلك).
2- اللغة الآرامية : كُتبت بها بعض آيات وكلمات فى العهد القديم وبعض كلمات العهد الجديد (ويقال نسخة من انجيل متى) واللغة الآرامية شقيقة للغة العبرية. وهى تنقسم إلى قسمين :
† آرامية سريانية : وهى خليط بين العبرية ولغة الكنعانيين.
† آرامية كلدانية : وهى خليط بين العبرية ولغة الكلدانيين (وهناك أكتشافات لكتابة كلدانية عامة ترجع 2000 ق.م).
3- اللغة اليونانية : العهد الجديد كُتب باللغة اليونانية (ماعدا إنجيل متى الذى يقال إنه كُتب باليونانية ومرة أخرى بالآرامية). - ولما كان الكتاب المقدس قد تُرجم إلى اليونانية (السبعينية) أصبحت اللغة السائدة فى الكتاب هى اللغة اليونانية.
مرحلة ما بعد الكتابة للعهد القديم :
الترجومات : أحتاج إليها اليهود بعد العودة من السبى لأنهم كانوا قد نسوا لغتهم وتكلموا بالآرامية (اللغة السائدة فى ذلك الوقت). ولما أستعصى عليهم فهم الأسفار المكتوبة بالعبرية فكان يصحبها ترجمة تفسيرية من اللاويين أثناء قراءة النص العبرى إلى الآرامية (نح 8: "وقرأوا فى السفر فى شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وأفهموهم القراءة" وسميت الكتب التفسيرية فيما بعد بإسم الترجومات.
† العهد القديم كان يستخدم فى العبادة ويقرأ على مسامع الشعب: ويُذكر أن موسى النبى أعطى لكل سبط نسخة من التوراة بما فيهم سبط لاوى والكهنة ورؤساء الشعب لذلك كانت هناك نسخة فى الهيكل مع تابوت العهد وكانت توجد لدى الكهنة ورؤساء الأسباط. فلما تعرض الهيكل للحرق كانت توجد النسخ الباقية وهى التى أخذ منها عزرا الكاتب فيما بعد. وهذا يقودنا إلى مرحلة أخرى وهى
ثالثاً: مرحلة التجميع: ودور التقليد فى ذلك
† بالنسبة للعهد القديم : قام عزرا الكاتب الكاهن (وهو عزرا بن حلقيا من سبط لاوى من أحفاد فينحاس بن العازار بن هارون) بجمع الأسفار فى القرن الخامس ق.م فى أيام ارتحشستا الأول ملك الفرس. وأسس مجمع السنهدريم وسلمهم الأسفار المقدسة وأهتم بالمكتبة، وظلت هكذا إلى عصر الترجمة وما بعده.
† بالنسبة للعهد الجديد : بدأ يُكتب من عام 39م تقريباً حتى عام 98م وقبلها كان بالتقليد الشفاهى.
† تلاميذ الرسل (الآباء الرسوليين) قاموا بتجميع الأسفار وبعضها كان مُجمعاً مع الآباء الرسل أنفسهم لذلك طلب الرسول بولس من تلميذه تيموثاؤس قائلاً (2تى 7:4،13) "بادر أن تجىء إلى سريعاً... الرداء الذى تركته فى ترواس عند كاربس أحضره متى جئت والكتب أيضاً ولا سيما الرقوق".
† وبدأ يقتبس منها أباء القرن الأول والثانى والثالث الميلادى...
† وكانت توجد نسخ فى الكنائس للعبادة (1كو 26:14). "متى اجتمعتم كل واحد لهُ مزمور لهُ تعليم..." والمخطوطات وحياة الآباء الأولين للكنيسة تؤكد ذلك؛ فمثلاً الشهيد يوستينوس (ولد 89م) أشار إلى أن الأناجيل والرسائل كتبها تلاميذ المسيح ورفقاؤهم. وهذا هو دور التقليد فى الحفاظ على الأسفار.
† ووثيقة موراتورى كُتبت فى منتصف القرن الثانى وأكتُشفت فى القرن الثامن عشر تتضمن الكثير من العهد الجديد.
† مجمع قرطاجنة 397م أقر صحة العهد الجديد، والقديس أوغسطينس قال (إنه ما كان يؤمن بالإنجيل لو لم يقل صوت الكنيسة الجامعة بذلك).
رابعاً: مرحلة الترجمة
† من أول وأشهر الترجمات للعهد القديم : الترجمة اليونانية السبعينية التى أمر بها بطليموس فلادلفيوس (285-246 ق.م). والذى أراد أن يحتفظ بنسخة من العهد القديم فى مكتبة الإسكندرية فارسل وأستدعى 70 شيخاً من علماء اليهود المتخصصين لترجمة النسخة العبرية إلى اللغة اليونانية (الإسكندرانية) التى أرساها الإسكندر الأكبر المقدونى وهكذا حدث حوالى عام 250 ق.م
تقريباً. وإن كان البعض يذكر إنه كان عام 285 ق.م أى فى نفس السنة التى بدأ فيها بطليموس الثانى حكمه وهذا الأمر غير مؤكد؛ وهذه الترجمة تشمل العهد القديم وما كان موجوداً من الأسفار القانونية أيضاً؛ فى حين أن النسخة العبرية لم تُسجل إلا ما جمعه عزرا الكاهن الكاتب. وتوجد ترجمات أخرى للكتاب المقدس :
† الترجمة القبطية : حوالى عام 250م.
† الترجمة الحبشية : حوالى عام 330م.
† الترجمة السريانية : حوالى عام 400م.
† الترجمة اللاتينية : حوالى عام 400م (الفلجاتا أو الدارجة أو الشعبية) ترجمها القديس جيروم (إرينيموس) من العبرية واليونانية معاً، وقد سبق ذلك ترجمة لاتينية عن اليونانية فى منتصف القرن الثانى.
† الترجمة العربية : حوالى عام 867م.
† ترجمة أبن العسال : حوالى عام 1252م (العربية).
† الترجمة العربية : الإعلامية للكتاب المقدس كاملاً (1671م) بما فيه الأسفار القانونية.
† ترجمة الدومينيكان : الموصل بالعراق عام 1878م.
† الترجمة البيروتية : وهى أشهر ترجمات العهد الجديد 1865 م قام بها بطرس البستانى وكرنيليوس فان ديك، وعالى سميث، وهذب عبارتها الشيخ ناصف اليازجى والشيخ يوسف الأسير.
† ترجمة الشدياق : لندن (عام 1857م) ترجمها إلى العربية (فارس الشدياق).
† توجد ترجمة قبطية : للأناجيل الأربعة فقط صدرت 1935م - وأخرى صدرت 1978م.
† توجد أكثر من ألف ترجمة للكتاب بلغات العالم المختلفة.
خامساً: مرحلة أقتباسات الآباء من الكتاب المقدس: نذكر منهم
1- بابياس (نبغ 110م) ووضع تفسير للكتاب المقدس.
2- تاتيان تلميذ بابياس وكتب ما بين 150م-160م.
3- يوستينوس الشهيد (ولد 89م).
4- اكليمندس الرومانى 101م.
5- أغناطيوس الشهيد (القرن الأول).
6- بوليكاربوس تلميذ يوحنا الحبيب (أستشهد 166م).
7- اكليمندس الأسكندرى (150-215م).
8- الراعى لهرماس (110-140م).
9- القديس بنتينوس مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية عام 180م وقد كان رواقياً، وأعتنق المسيحية... الخ.
10- إريناؤس (130- 200 تقريباً). 11- ترتليانوس (160-225)... الخ.
سادساً: مرحلة التقسيم والترتيب
† لم يكن هناك تقسيم للإصحاحات أو الآيات سوى سفر المزامير.
† وكان يوجد تقسيم قديم يرجع إلى عزرا الكاتب الذى قسم أسفار موسى إلى 699 جزءاً.
† أمونيوس الشماس الإسكندرى قسم الأناجيل الأربعة 1164 جزءاً (فى القرن 3م).
† توجد نسخة من الفلجاتا ترجع لـ 800 م مقسمة بطريقة خاصة.
† الكردينال هو جو قسم الكتاب المقدس لما هو عليه الآن 1240م.
† الراهب بجنينوس أول من باشر التقسيم إلى أعداد فى العهد القديم وهو الذى ترجم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية.
† روبرت أستفانوس العالم الفرنسى قسم العهد الجديد كما هو الآن عام 1545م.
† والترجمة السبعينية رتبت الأسفار حسب الموضوعية لأسفار الخمسة (الشريعة) وتبدأ بالتكوين ثم الأسفار التاريخية كلها بما فيها القانونية بحيث وضعت سفر طوبيا ويهوديت بين سفرى نحميا وأستير (وتتمة أستير) - وسفر الحكمة وسفر يشوع بن سيراخ ضمن الأسفار الشعرية بعد نشيد الأناشيد، ثم الأنبياء الكبار ووضعت نبوة باروخ بعد مراثى إرميا ثم تتمة دانيال فى سفر دانيال - يليهم الأنبياء الصغار حتى سفرى المكابيين والذين كتبا عام 63 ق.م.
† ولكن الترجمة العبرية كانت تختلف فى ترتيب الأسفار بالإضافة إلى إنها لا تضم الأسفار القانونية التى لم يجمعها عزرا الكاهن الكاتب.
سابعاً: مرحلة الطباعة
† يذكر أن أول شخص أصدر نسخة مطبوعة للعهد الجديد كان هو ايراسموس عام 1516م.
أول طبعة للأناجيل الأربعة فى روما عام 1591م - وفى عام 1671م صدرت فى رومية الترجمة الإعلامية للكتاب المقدس بعهديه (عن الترجمة السبعينية) وكان فى هذه الطبعة الإعلامية النص العربى مع النص اللاتينى. وعليها أرتكزت الترجمات العربية التى صدرت فيما بعد.
† وفى عام 1752م طبعة روفائيل الطوخى عن القبطية بروما.
† وفى عام 1866م طبعة وليم واطس فى لندن مأخوذة عن ترجمة 1526م للعهد القديم.
† وفى عام 1866م طبعة وليم واطس فى لندن أيضاً عن ترجمة 1264م للعهد الجديد.
† طبعة بيروت 1865م وهى الأكثر انتشاراً وسبق الحديث عنها فى الترجمات.
† الطبعة اليسوعية للكاثوليك 1876م-1877م وتشمل كل الأسفار كما بالترجمة السبعينية من حيث عدد الأسفار وأعيدت فى عام 1986م، مع دمج العهدين وإضافة حواشى فى نهاية الأجزاء.
وتوجد طبعات بلغات العالم مرتكزة على الطبعات الأولى والمخطوطات والنسخ الأثرية.
شهادة النسخ والمخطوطات التى تشهد بصحة ودقة ما وصل إلينا من الأسفار المقدسة :
† وقد وصل عدد المخطوطات فى متاحف العالم شرقاً وغرباً عشرات الآلاف باللغة العبرية واليونانية والقبطية واللاتينية والسريانية... وغيرها ونذكر منها :
1- النسخة الفاتيكانية : ترجع لعام 328م فى عصر الملك قسطنطين والذى أمر بكتابة 50 نسخة من الكتاب المقدس على نفقة الدولة، وذلك لأنه قد صدر أمر سابقاً من دقلديانوس بحرق جميع الكتب المقدسة ولكن حفظ الرب الكتاب من أى ضرر. وتم نسخ المخطوطات المذكورة وتوزيعها وبقيت النسخة المذكورة فى الفاتيكان إلى يومنا هذا، ومثال آخر.
2- مخطوطات الجنيزة : التى تم إكتشافها بالقاهرة 1890م تحت معبد إبن عزرا بالقرب من الكنيسة المعلقة حيث كانت هناك أطلال كنيسة قديمة فاكتشفوا حوالى 200 ألف مخطوطة تخص الكتاب المقدس، وأمور كنسية أخرى ووصلت إلى متاحف العالم.
3- المخطوطات السريانية : حيث أكتُشف عدد 350 مخطوطة باللغة السريانية البسيطة (البشيطا) وترجع إلى القرن الخامس والقرن السادس الميلادى.
4- مخطوطات يرجع تاريخها إلى القرن 3م : وجدت فى مصر ويوجد منها حوالى 2207 تمثل القراءات الكنسية وهى مأخوذة عن الكتاب المقدس.
5- مخطوطات البحر الميت (وادى قمران) : التى ترجع للقرن 3 ق.م حتى نهاية القرن الأول الميلادى وتم اكتشافها عام 1947م.
6- ما جاء فى جريدة الأهرام 1991م : إنه تم العثور على مخطوطة لإنجيل متى فى الأقصر، يرجع تاريخها إلى سنة 60م، وهذا يؤكد أنه فى أقل من عقدين من الزمان وصلت نسخة مخطوطة من إنجيل متى إلى مصر.
7- إنجيل يوحنا باللغة القبطية : من القرن العاشر وجد بدير الملاك غبريال سنة 1998، عن طريق البعثة البولندية، ومحفوظ بدير الملاك غبريال العامر بالفيوم. وقد ذكرنا هذا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر. ونذكر بعض الآيات الكتابية التى تؤكد حفاظ الله خلال الزمن على كتابه المقدس، ووصوله إلينا هكذا رغم ما تعرض له.
آيات كتابية :
† (أش 16:34) "فتشوا فى سفر الرب وأقرأوا. واحدة من هذه لا تفقد لأن فمه هو قد أمر. وروحه هو جمعها". هذه الآية توضح تماماً كيف وصلنا الكتاب المقدس.
† (2مك 13:2-14) "وقد شُرح ذلك فى السجلات والتذاكر التى لنحميا وكيف أنشأ مكتبة جمع فيها أخبار الملوك والأنبياء وكتابات داود ورسائل الملوك فى التقادم. وكذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا فى الحرب التى حدثت لنا وهو عندنا"، وما سبق هو رسالة من إرمياء النبى إلى الذين فى السبى يطمئنهم على الأسفار المقدسة ويطالبهم بالتمسك بالشريعة الإلهية. وتوجد أدلة كثيرة فى العهد القديم على ذلك.
ولكننا نذكر آيات من العهد الجديد أيضاً.
† فى مجمع الناصرة فدُفع إليه سفر إشعياء النبى... "ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس" (لو 16:4-20) ولم يعترض السيد المسيح على أى شئ فى السفر.
† الخصى الحبشى قال الكتاب عنه (أع 28: "وكان راجعاً وجالساً على مركبته وهو يقرأ النبى إشعياء".
† والقديس بولس أوصى تلميذه تيموثاؤس قائل (2تى 13:4) ".. ولا سيما الرقوق" وختاماً نقول كما قال الروح القدس (2تى 16:3) "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذى فى البر...".
† الرب يحفظ كلمته ويحفظنا جميعاً بشفاعة أمنا الطاهرة العذراء مريم، والقديس الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة، وبصلوات أبينا صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث أدام الرب حياته. وشركائه فى الخدمة الرسولية الآباء المطارنة والأساقفة لكنيستنا القبطية
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
بقلم نيافة الأنبا ابرآم
† (2بط 20:1-21) "عالمين هذا أولاً: أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص.لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس".
† منذ بداية الخليقة كان الله يتعامل مع البشرية بالتعليم الشفاهى والتقليد والتسليم من جيل الى جيل حتى عصر موسى النبى. وكان يكلمهم عن طريق الأنبياء أيضاً. كما ذكر القديس بولس الرسول قائلاً فى (عب 1:1) "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى ابنه..." إلى أن أحتاجت البشرية إلى كتاب مكتوب ينظم العلاقة بين الله والإنسان عبر الزمان، ويعلن عن محبته وفدائه له، وكان لابد من شريعة مكتوبة تعضد التسليم وتضبط الشريعة الطبيعية فى الإنسان فكتب الله الشريعة الأدبية وسلمها لموسى النبى فى جبل سيناء على لوحى العهد ثم أوحى إليه بالأسفار الخمسة (الناموس أو التوراة) وأمره أن يكتب ذلك ويسلمه للأجيال (خر 4:17) "وقال الرب لموسى أكتب هذا تذكاراً فى الكتاب، وضعه فى مسامع يشوع" وفى
(تث 9:31) "وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بنى لاوى حاملى تابوت عهد الرب ولجميع شيوخ إسرائيل" والذين بدورهم سلموها لأجيال بعدهم. لذلك نذكر المراحل التى مر بها الكتاب المقدس حتى وصل إلينا.
أولاً: مرحلة التعليم الشفاهى والتقليد والتسليم
† وبدأ التعليم الشفاهى للوصية من الله للبشرية، بداية من أبينا آدم وأمنا حواء، ثم توارثته الأجيال بالتسليم والتقليد المعاش مثال هابيل البار الذى قدم ذبيحة مقبولة لله من أبكار غنمه ولم تكن هناك وصية مكتوبة بذلك لكنه عاش الوصية بالتسليم ونظر الرب إليه كما فى (تك 4:4) "وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه".
† كذلك نوح البار (تك 20: "وبنى نوح مذبحاً للرب... فتنسم الرب رائحة الرضا..." (تك 20:8-21) ولم تكن هناك وصية مكتوبة لكنه عاش الوصية بالتقليد والتسليم ثم سلمها للاجيال. حتى أننا نقرأ عن أبينا إبراهيم أنه فى (تك7:12- "فبنى هناك مذبحاً للرب..." وهكذا أبينا يعقوب فى بيت إيل أقام مذبحاً ودشنه (تك 28: 18) "وأقامه عموداً وصب زيتاً على رأسه".
† مثال آخر على حفظ الوصية بالتسليم والحياة المعاشة يوسف الصديق (تك 9:39) قائلاً: "كيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله" - ولم تكن وصية مكتوبة فى أيامه.حتى بعد الشريعة المكتوبة أوصى الرب بالشريعة الشفاهية قائلاً: (تث 9:4) "إنما أحترز واحفظ نفسك جداً لئلا تنسى الأمور التى ابصرت عيناك ولئلا تزول من قلبك كل أيام حياتك وعلمها أولادك وأولاد أولادك" وفى (تث 7:6) "وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس فى بيتك...".وكذلك فى العهد الجديد نذكر بعض الآيات التى تؤكد دور التسليم الشفاهى فى حفظ الوصية (2 تى 2:2) "وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناس أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين" وفى (2يو 13،14) يقول " وكان لى كثير لأكتبه لكننى لست أريد ان أكتب إليك بحبر وقلم، ولكننى أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فماً لفم" وراجع (يو 30:20-31)، (يو 25:21).. الخ.
ثانياً: مرحلة الكتابة
† استغرقت قرابة 1600 سنة كتابة الكتاب المقدس بعهديه.
† أكثر من 40 شخصاً أشترك فى الكتابة، جميعهم من اليهود، ماعدا لوقا الإنجيلى (طبيب أنطاكى).
† العهد القديم (46 سفراً) أشترك فى كتابتها أكثر من 32 شخصاً.
† العهد الجديد 8 أشخاص سجلوا ما جاء فيه بالوحى الإلهى.
† والكتاب كتب فى ثلاثة قارات (آسيا وأفريقيا وأوربا).
المواد التى كتب عليها الكتاب المقدس :
1- الحجارة :
الوصايا العشرة كتبها الله باصبعه على الحجارة: فالكتابة على الحجر معروفة منذ العصر الحجرى حيث كان الإنسان يكتب على الحجارة أولاً (العصر الحجرى). وكتب يشوع على الحجارة (يش 32: "وكتب هناك على الحجارة نسخة توراة موسى التى كتبها أمام بنى إسرائيل".
2- الدرج :
أ- من ورق البردى : المُصنع من نبتة قصبة البردى، وكانت تنمو فى المستنقعات فى مصر، وفى شمال فلسطين، ويصنع الورق من القشرة الرقيقة الداخلية للقصبة.
ب- من الجلد : جلد أغنام - ماعز - غزلان... المهم أن يكون حيوان طاهر.
† وكانت الكتابة فى أيام التوراة على الدرج فى صورة أعمدة من الداخل، وإذا أقتضى الأمر فمن الخارج أيضاً. وكان القارئ يفتح الدرج من ناحية خلال القراءة، ويغلقه من الناحية الأخرى. هكذا قال الرب لإرميا عن الدرج: "خذ لنفسك درج سفر وأكتب فيه كل الكلام الذى كلمتك به" (إر 2:36).
3- الرقوق :
كانت تصنع من جلد الحيوانات الطاهرة، بطرق خاصة. وكان الرق أمتن من الورق البردى، ومتوافراً أكثر فى فلسطين.
4- المجلد :
هو مرحلة سابقة للكتاب الحديث، ويحتوى المجلد على عدد من الأوراق المخطوطة، المثبتة معاً عند طرفها وكانت المجلدات غالباً تحفظ ضمن غلافين، وبدأ أستخدامها فى القرن الثالث الميلادى.
5- السفر :
هو الكتاب (المحسوبة حروفه) لأن كلمة سُفريم هى من الفعل العبرى سُفير، بمعنى يحسب لأنهم كانوا يحسبون حروف الأسفار ويعملون إحصائية فى نهاية كل سفر بحروف السفر، والحرف المتوسط والكلمة المتوسطة والآية المتوسطة حتى يمكن ضبط النسخ الجديدة.
هل كانت الكتابة موجودة فى زمن موسى النبى ؟
موسى النبى تهذب بكل حكمة المصريين، ويوجد سند تاريخى على ذلك: قال جريبو فى رسالته التى حررها على رسالة شمبوليون الشهير (أول من قرأ اللغة الفرعونية المصرية القديمة) أن موسى النبى كان يكتب على البردى، بل ويوجد فى متحف (تورين) بردية مكتوبة بالقلم المصرى، تشتمل على وثيقة محررة فى عهد تحتمس الثالث، الذى يرجع عصره لأيام موسى النبى.
شروط الكاتب أو المترجم للكتاب :
أن يكون حكيماً - ويتطهر بالماء قبل الكتابة - يستعد بقلب خاشع - يستخدم جلد حيوان طاهر- لا يعتمد على ذهنه الخاص ولو بكلمة واحدة - ينطق بصوت مسموع ليشغل النظر والسمع - ولا يلتفت لأحد أثناء الكتابة - عندما يأتى أسم الله (لفظ الجلالة) يسجد قبل كتابته ويكتبه بقلم خاص - وكان لابد من المراجعة - وإذا وجد أكثر من ثلاثة أخطاء مصححة تحرق النسخة بالنار. (وكان الناسخون من الكهنة وبعد ذلك حل محلهم الكتبة من غير الكهنة).
† يقول فيلو اليهودى الإسكندرى: (إن اليهودى يفضل أن يموت عشرة آلاف مرة عن أن يسمح لكلمة واحدة أن تتبدل فى التوراة).
اللغة التى كُتب بها الكتاب المقدس :
1- اللغة العبرية : العهد القديم كُتب بالعبرية (والعبرية تحتوى على 22 حرفاً فى الأبجدية وتقرأ من اليمين إلى اليسار مثل العربية)، وتستخدم الأرقام من الحروف الأبجدية العبرية أيضاً مثل اليونانية والقبطية فى استخدام الأرقام.
† كُتب بالعبرية فيما عدا بعض الآيات والكلمات القليلة كُتبت بالآرامية، راجع (عز 8:4)، (عز 18:6)، (عز 12:7-26)، (إر 11:10)، (دا 4:2)، (28:7) ونذكر منها.
† مثال (عز 12:7-26) رسالة "من أرتحشستا ملك الملوك إلى عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل إلى آخره" فالرسالة كتبت من ملك فارس باللغة الأرامية السائدة فى ذلك الوقت.
† مثال آخر (دا 4:2) فى موقف حلم نبوخذ نصر ملك بابل "فكلم الكلدانيون الملك بالآرامية عش أيها الملك إلى الأبد. أخبر عبيدك بالحلم فنبين تعبيره". وبعض مفردات آرامية فى سفر أستير ونشيد الأناشيد - وحزقيال ويونان.
† والخط العبرى هو أحد أشكال الكتابة الفينيقية وهى إحدى اللغات السامية وظلت مُستخدمة حتى القرن السادس قبل الميلاد (إلى السبى البابلى حيث حدث شئ من الخلط فى اللغات فيما بعد ذلك).
2- اللغة الآرامية : كُتبت بها بعض آيات وكلمات فى العهد القديم وبعض كلمات العهد الجديد (ويقال نسخة من انجيل متى) واللغة الآرامية شقيقة للغة العبرية. وهى تنقسم إلى قسمين :
† آرامية سريانية : وهى خليط بين العبرية ولغة الكنعانيين.
† آرامية كلدانية : وهى خليط بين العبرية ولغة الكلدانيين (وهناك أكتشافات لكتابة كلدانية عامة ترجع 2000 ق.م).
3- اللغة اليونانية : العهد الجديد كُتب باللغة اليونانية (ماعدا إنجيل متى الذى يقال إنه كُتب باليونانية ومرة أخرى بالآرامية). - ولما كان الكتاب المقدس قد تُرجم إلى اليونانية (السبعينية) أصبحت اللغة السائدة فى الكتاب هى اللغة اليونانية.
مرحلة ما بعد الكتابة للعهد القديم :
الترجومات : أحتاج إليها اليهود بعد العودة من السبى لأنهم كانوا قد نسوا لغتهم وتكلموا بالآرامية (اللغة السائدة فى ذلك الوقت). ولما أستعصى عليهم فهم الأسفار المكتوبة بالعبرية فكان يصحبها ترجمة تفسيرية من اللاويين أثناء قراءة النص العبرى إلى الآرامية (نح 8: "وقرأوا فى السفر فى شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وأفهموهم القراءة" وسميت الكتب التفسيرية فيما بعد بإسم الترجومات.
† العهد القديم كان يستخدم فى العبادة ويقرأ على مسامع الشعب: ويُذكر أن موسى النبى أعطى لكل سبط نسخة من التوراة بما فيهم سبط لاوى والكهنة ورؤساء الشعب لذلك كانت هناك نسخة فى الهيكل مع تابوت العهد وكانت توجد لدى الكهنة ورؤساء الأسباط. فلما تعرض الهيكل للحرق كانت توجد النسخ الباقية وهى التى أخذ منها عزرا الكاتب فيما بعد. وهذا يقودنا إلى مرحلة أخرى وهى
ثالثاً: مرحلة التجميع: ودور التقليد فى ذلك
† بالنسبة للعهد القديم : قام عزرا الكاتب الكاهن (وهو عزرا بن حلقيا من سبط لاوى من أحفاد فينحاس بن العازار بن هارون) بجمع الأسفار فى القرن الخامس ق.م فى أيام ارتحشستا الأول ملك الفرس. وأسس مجمع السنهدريم وسلمهم الأسفار المقدسة وأهتم بالمكتبة، وظلت هكذا إلى عصر الترجمة وما بعده.
† بالنسبة للعهد الجديد : بدأ يُكتب من عام 39م تقريباً حتى عام 98م وقبلها كان بالتقليد الشفاهى.
† تلاميذ الرسل (الآباء الرسوليين) قاموا بتجميع الأسفار وبعضها كان مُجمعاً مع الآباء الرسل أنفسهم لذلك طلب الرسول بولس من تلميذه تيموثاؤس قائلاً (2تى 7:4،13) "بادر أن تجىء إلى سريعاً... الرداء الذى تركته فى ترواس عند كاربس أحضره متى جئت والكتب أيضاً ولا سيما الرقوق".
† وبدأ يقتبس منها أباء القرن الأول والثانى والثالث الميلادى...
† وكانت توجد نسخ فى الكنائس للعبادة (1كو 26:14). "متى اجتمعتم كل واحد لهُ مزمور لهُ تعليم..." والمخطوطات وحياة الآباء الأولين للكنيسة تؤكد ذلك؛ فمثلاً الشهيد يوستينوس (ولد 89م) أشار إلى أن الأناجيل والرسائل كتبها تلاميذ المسيح ورفقاؤهم. وهذا هو دور التقليد فى الحفاظ على الأسفار.
† ووثيقة موراتورى كُتبت فى منتصف القرن الثانى وأكتُشفت فى القرن الثامن عشر تتضمن الكثير من العهد الجديد.
† مجمع قرطاجنة 397م أقر صحة العهد الجديد، والقديس أوغسطينس قال (إنه ما كان يؤمن بالإنجيل لو لم يقل صوت الكنيسة الجامعة بذلك).
رابعاً: مرحلة الترجمة
† من أول وأشهر الترجمات للعهد القديم : الترجمة اليونانية السبعينية التى أمر بها بطليموس فلادلفيوس (285-246 ق.م). والذى أراد أن يحتفظ بنسخة من العهد القديم فى مكتبة الإسكندرية فارسل وأستدعى 70 شيخاً من علماء اليهود المتخصصين لترجمة النسخة العبرية إلى اللغة اليونانية (الإسكندرانية) التى أرساها الإسكندر الأكبر المقدونى وهكذا حدث حوالى عام 250 ق.م
تقريباً. وإن كان البعض يذكر إنه كان عام 285 ق.م أى فى نفس السنة التى بدأ فيها بطليموس الثانى حكمه وهذا الأمر غير مؤكد؛ وهذه الترجمة تشمل العهد القديم وما كان موجوداً من الأسفار القانونية أيضاً؛ فى حين أن النسخة العبرية لم تُسجل إلا ما جمعه عزرا الكاهن الكاتب. وتوجد ترجمات أخرى للكتاب المقدس :
† الترجمة القبطية : حوالى عام 250م.
† الترجمة الحبشية : حوالى عام 330م.
† الترجمة السريانية : حوالى عام 400م.
† الترجمة اللاتينية : حوالى عام 400م (الفلجاتا أو الدارجة أو الشعبية) ترجمها القديس جيروم (إرينيموس) من العبرية واليونانية معاً، وقد سبق ذلك ترجمة لاتينية عن اليونانية فى منتصف القرن الثانى.
† الترجمة العربية : حوالى عام 867م.
† ترجمة أبن العسال : حوالى عام 1252م (العربية).
† الترجمة العربية : الإعلامية للكتاب المقدس كاملاً (1671م) بما فيه الأسفار القانونية.
† ترجمة الدومينيكان : الموصل بالعراق عام 1878م.
† الترجمة البيروتية : وهى أشهر ترجمات العهد الجديد 1865 م قام بها بطرس البستانى وكرنيليوس فان ديك، وعالى سميث، وهذب عبارتها الشيخ ناصف اليازجى والشيخ يوسف الأسير.
† ترجمة الشدياق : لندن (عام 1857م) ترجمها إلى العربية (فارس الشدياق).
† توجد ترجمة قبطية : للأناجيل الأربعة فقط صدرت 1935م - وأخرى صدرت 1978م.
† توجد أكثر من ألف ترجمة للكتاب بلغات العالم المختلفة.
خامساً: مرحلة أقتباسات الآباء من الكتاب المقدس: نذكر منهم
1- بابياس (نبغ 110م) ووضع تفسير للكتاب المقدس.
2- تاتيان تلميذ بابياس وكتب ما بين 150م-160م.
3- يوستينوس الشهيد (ولد 89م).
4- اكليمندس الرومانى 101م.
5- أغناطيوس الشهيد (القرن الأول).
6- بوليكاربوس تلميذ يوحنا الحبيب (أستشهد 166م).
7- اكليمندس الأسكندرى (150-215م).
8- الراعى لهرماس (110-140م).
9- القديس بنتينوس مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية عام 180م وقد كان رواقياً، وأعتنق المسيحية... الخ.
10- إريناؤس (130- 200 تقريباً). 11- ترتليانوس (160-225)... الخ.
سادساً: مرحلة التقسيم والترتيب
† لم يكن هناك تقسيم للإصحاحات أو الآيات سوى سفر المزامير.
† وكان يوجد تقسيم قديم يرجع إلى عزرا الكاتب الذى قسم أسفار موسى إلى 699 جزءاً.
† أمونيوس الشماس الإسكندرى قسم الأناجيل الأربعة 1164 جزءاً (فى القرن 3م).
† توجد نسخة من الفلجاتا ترجع لـ 800 م مقسمة بطريقة خاصة.
† الكردينال هو جو قسم الكتاب المقدس لما هو عليه الآن 1240م.
† الراهب بجنينوس أول من باشر التقسيم إلى أعداد فى العهد القديم وهو الذى ترجم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية.
† روبرت أستفانوس العالم الفرنسى قسم العهد الجديد كما هو الآن عام 1545م.
† والترجمة السبعينية رتبت الأسفار حسب الموضوعية لأسفار الخمسة (الشريعة) وتبدأ بالتكوين ثم الأسفار التاريخية كلها بما فيها القانونية بحيث وضعت سفر طوبيا ويهوديت بين سفرى نحميا وأستير (وتتمة أستير) - وسفر الحكمة وسفر يشوع بن سيراخ ضمن الأسفار الشعرية بعد نشيد الأناشيد، ثم الأنبياء الكبار ووضعت نبوة باروخ بعد مراثى إرميا ثم تتمة دانيال فى سفر دانيال - يليهم الأنبياء الصغار حتى سفرى المكابيين والذين كتبا عام 63 ق.م.
† ولكن الترجمة العبرية كانت تختلف فى ترتيب الأسفار بالإضافة إلى إنها لا تضم الأسفار القانونية التى لم يجمعها عزرا الكاهن الكاتب.
سابعاً: مرحلة الطباعة
† يذكر أن أول شخص أصدر نسخة مطبوعة للعهد الجديد كان هو ايراسموس عام 1516م.
أول طبعة للأناجيل الأربعة فى روما عام 1591م - وفى عام 1671م صدرت فى رومية الترجمة الإعلامية للكتاب المقدس بعهديه (عن الترجمة السبعينية) وكان فى هذه الطبعة الإعلامية النص العربى مع النص اللاتينى. وعليها أرتكزت الترجمات العربية التى صدرت فيما بعد.
† وفى عام 1752م طبعة روفائيل الطوخى عن القبطية بروما.
† وفى عام 1866م طبعة وليم واطس فى لندن مأخوذة عن ترجمة 1526م للعهد القديم.
† وفى عام 1866م طبعة وليم واطس فى لندن أيضاً عن ترجمة 1264م للعهد الجديد.
† طبعة بيروت 1865م وهى الأكثر انتشاراً وسبق الحديث عنها فى الترجمات.
† الطبعة اليسوعية للكاثوليك 1876م-1877م وتشمل كل الأسفار كما بالترجمة السبعينية من حيث عدد الأسفار وأعيدت فى عام 1986م، مع دمج العهدين وإضافة حواشى فى نهاية الأجزاء.
وتوجد طبعات بلغات العالم مرتكزة على الطبعات الأولى والمخطوطات والنسخ الأثرية.
شهادة النسخ والمخطوطات التى تشهد بصحة ودقة ما وصل إلينا من الأسفار المقدسة :
† وقد وصل عدد المخطوطات فى متاحف العالم شرقاً وغرباً عشرات الآلاف باللغة العبرية واليونانية والقبطية واللاتينية والسريانية... وغيرها ونذكر منها :
1- النسخة الفاتيكانية : ترجع لعام 328م فى عصر الملك قسطنطين والذى أمر بكتابة 50 نسخة من الكتاب المقدس على نفقة الدولة، وذلك لأنه قد صدر أمر سابقاً من دقلديانوس بحرق جميع الكتب المقدسة ولكن حفظ الرب الكتاب من أى ضرر. وتم نسخ المخطوطات المذكورة وتوزيعها وبقيت النسخة المذكورة فى الفاتيكان إلى يومنا هذا، ومثال آخر.
2- مخطوطات الجنيزة : التى تم إكتشافها بالقاهرة 1890م تحت معبد إبن عزرا بالقرب من الكنيسة المعلقة حيث كانت هناك أطلال كنيسة قديمة فاكتشفوا حوالى 200 ألف مخطوطة تخص الكتاب المقدس، وأمور كنسية أخرى ووصلت إلى متاحف العالم.
3- المخطوطات السريانية : حيث أكتُشف عدد 350 مخطوطة باللغة السريانية البسيطة (البشيطا) وترجع إلى القرن الخامس والقرن السادس الميلادى.
4- مخطوطات يرجع تاريخها إلى القرن 3م : وجدت فى مصر ويوجد منها حوالى 2207 تمثل القراءات الكنسية وهى مأخوذة عن الكتاب المقدس.
5- مخطوطات البحر الميت (وادى قمران) : التى ترجع للقرن 3 ق.م حتى نهاية القرن الأول الميلادى وتم اكتشافها عام 1947م.
6- ما جاء فى جريدة الأهرام 1991م : إنه تم العثور على مخطوطة لإنجيل متى فى الأقصر، يرجع تاريخها إلى سنة 60م، وهذا يؤكد أنه فى أقل من عقدين من الزمان وصلت نسخة مخطوطة من إنجيل متى إلى مصر.
7- إنجيل يوحنا باللغة القبطية : من القرن العاشر وجد بدير الملاك غبريال سنة 1998، عن طريق البعثة البولندية، ومحفوظ بدير الملاك غبريال العامر بالفيوم. وقد ذكرنا هذا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر. ونذكر بعض الآيات الكتابية التى تؤكد حفاظ الله خلال الزمن على كتابه المقدس، ووصوله إلينا هكذا رغم ما تعرض له.
آيات كتابية :
† (أش 16:34) "فتشوا فى سفر الرب وأقرأوا. واحدة من هذه لا تفقد لأن فمه هو قد أمر. وروحه هو جمعها". هذه الآية توضح تماماً كيف وصلنا الكتاب المقدس.
† (2مك 13:2-14) "وقد شُرح ذلك فى السجلات والتذاكر التى لنحميا وكيف أنشأ مكتبة جمع فيها أخبار الملوك والأنبياء وكتابات داود ورسائل الملوك فى التقادم. وكذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا فى الحرب التى حدثت لنا وهو عندنا"، وما سبق هو رسالة من إرمياء النبى إلى الذين فى السبى يطمئنهم على الأسفار المقدسة ويطالبهم بالتمسك بالشريعة الإلهية. وتوجد أدلة كثيرة فى العهد القديم على ذلك.
ولكننا نذكر آيات من العهد الجديد أيضاً.
† فى مجمع الناصرة فدُفع إليه سفر إشعياء النبى... "ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس" (لو 16:4-20) ولم يعترض السيد المسيح على أى شئ فى السفر.
† الخصى الحبشى قال الكتاب عنه (أع 28: "وكان راجعاً وجالساً على مركبته وهو يقرأ النبى إشعياء".
† والقديس بولس أوصى تلميذه تيموثاؤس قائل (2تى 13:4) ".. ولا سيما الرقوق" وختاماً نقول كما قال الروح القدس (2تى 16:3) "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذى فى البر...".
† الرب يحفظ كلمته ويحفظنا جميعاً بشفاعة أمنا الطاهرة العذراء مريم، والقديس الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة، وبصلوات أبينا صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث أدام الرب حياته. وشركائه فى الخدمة الرسولية الآباء المطارنة والأساقفة لكنيستنا القبطية
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++